افتتاحية | ما العمل الآن لدعم الصامدين في غزّة؟

فريق التحرير

العدوان الصهيوني يدخل شهره الثالث. لا حاجة لتعداد الشهداء والجرحى والمُهجّرين، ولا لوصف هول المجزرة في غزّة وجزء من الضفة الغربية. ولا حاجة كذلك للتذكير بحجم العار العربي الرسميّ أو بخساسة التواطؤ الغربي.

لم يبق لنا الآن سوى التفكير فيما يمكن أن نقدّمه كشعوب لشدّ أزر شعبنا في فلسطين وتخفيف الضغط عن مقاومته.

العدوّ هدفه واضح : القضاء على المقاومة وتدمير بنيتها العسكرية، تنصيب سلطة عميلة تدير القطاع بالوكالة عنه، كيّ وعي أبناء غزّة، ومن ورائهم كلّ شعوب الأمّة، كي لا يفكّروا مجدّدا في مقاومته وتحدّيه. وإن استطاع إليه سبيلا، يريد العدوّ دفع أهل القطاع إلى اجتياز الحدود نحو مصر هربًا من الموت. أمّا حديثه عن استرجاع أسراه فهو فقط للاستهلاك الداخلي. من الواضح أنّ قادة العدوّ قرّروا التضحية بمن بقي من أسراهم في غزّة كثمن يرونه مناسبًا للقضاء على المقاومة.

بناءً عليه، على كلّ من يعتبر نفسه جزءًا من هذه المعركة التفكير في كيفيّة المساهمة – بأيّ طريقة أو درجة ممكنة – في منع العدوّ من تحقيق أهدافه. وهذا يتطلبّ بالأساس منعه من تحويل هزيمته المدويّة عند بداية “طوفان الأقصى” إلى انتصار عسكري وسياسي على المقاومة وشعبها. بعبارة أخرى، لا يجب أن تنتهي كلّ هذه التضحيات البشرية غير المسبوقة بهزيمة سياسية، مثلما حصل قبل 50 عامًا في حرب أكتوبر 1973. فتداعيات هذه الهزيمة ستكون كارثية لا على الفلسطينيّين وحدهم، بل على شعوبنا قاطبة، التي ستنهار معنوياتها بعد أن ذاقت طعم النصر والأمل يوم 7 أكتوبر المجيد.

جرّبنا خلال الشهرين الماضيَين عديد الوسائل : التظاهر تضامنا أو احتجاجًا، التبرّع والمساعدات العينية، المقاطعة الاقتصادية، الدعاية على شبكات التواصل، وفي بعض الدول، كتونس، حاولنا تجريم التطبيع أو إلغاء الاتفاقيات المبرمة مع العدوّ. كلّ ذلك جيّد وضروري ويجب أن يستمرّ، لكنه غير كافٍ لوقف العدوان. إذا استثنينا الانخراط في العمل الفدائي (وهو أسمى درجات الدعم الملموس) لصعوبته وتعقيده، لم يبق بتقديرنا سوى أمر واحد : تشديد الضغط والاحتجاج على الدول الغربية التي تدعم العدوان الصهيوني (إلى جانب الولايات المتحدة، هناك كندا، بريطانيا، فرنسا، إيطاليا، وخاصة ألمانيا بالنسبة لأوروبا).  وبصفة أخصّ ضدّ الدولة الوحيدة في هذا العالم القادرة على لجم قادة العدوّ، وهي الولايات المتحدة الأمريكية.

من واجبنا الآن ممارسة أقصى درجات الضغط الشعبي على هذه الدولة ومصالحها بكلّ الأشكال المشروعة والمتاحة : من مقاطعة شركاتها، إلى الاحتجاج على سفاراتها وبقية أذرعها في بلداننا، إلى محاصرة ممثّليها والخ. يجب أن يتمّ التعامل مع كلّ من يتعامل مع سفارة هذه الدولة أو منظماتها أو وكالاتها ومعاهدها والخ. على أنّه خائن ويتحوّل إلى منبوذ اجتماعيًا. يجب أن يفهم قادة هذه الدولة المشاركة بشكل رئيسي في العدوان، تسليحًا وتمويلا ومشورة ومعلومات وتبريرًا وحمايةً… أنّ لمشاركتها ثمن باهظ. يجب أن يشعر أصحاب القرار في واشنطن (وكذلك في بقية العواصم الغربية المتواطئة) أنّ هذا الثمن أغلى استراتيجيًا ممّا يراهنون عليه من استفادة جيوسياسية من نتائج هذا العدوان. يجب أن تقتنع دولة المركز الاستعماري بأنّ حليفها وقاعدتها المتقدمة في منطقتنا صارت عبئًا ثقيلا عليها. عندها فقط ستبدأ أمريكا في التخلّي عن “اسرائيل”، وستكون بداية ذلك أن تفرض عليها وقف حربها الإرهابية على غزّة.

تدفيع أمريكا، وتوابعها الأوروبيين، ثمن مشاركتها في العدوان يجب أن يكون هدفنا الرئيسي خلال الفترة المقبلة.



أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !