رأي | السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز : إشتراكي في دولة المركز الإمبريالي أم مجرد خطاب سياسي ؟

مقال لصديق الموقع فراس البجاوي

تعيش الولايات المتحدة الأمريكية على وقع الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، حيث فاز المترشح المستقل بيرني ساندرز يوم الأربعاء 12 فيفري بانتخابات ولاية نيو هامبشير، لتلتحق بولاية أيوا الذي سبق وإن فاز فيها، ليصبح ساندرز المترشح الأكثر حظوظا لمنافسة مرشح الحزب الجمهوري دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية القادمة.

ساندرز هو السيناتور المستقل الأكثر خدمة في تاريخ مجلس الشيوخ الأمريكي، ويصف نفسه على أنه “ديمقراطي اشتراكي” و هذا ما يطرح العديد من التساؤلات عن برنامجه الانتخابي و عن “الثورة السياسية” التي يتحدث عنها .لكن الأسئلة التي تطرح : ما مدى إشتراكية السيناتور المستقل حسب خطاباته ؟
و هل أن لهذه الثورة السياسية تأثير على السياسة الخارجية الأمريكية، في حال فوزه في الانتخابات الرئاسية؟

لم يفصح ساندرز بشكل دقيق عن مفهومه للإشتراكية أو “الديمقراطية الإشتراكية، ” إلا أنه كثيرا ما يظهر اقتدائه بتجربة بلدان شمال أوروبا كالدنمارك و النرويج … وهذا ما جعل رئيس الوزراء الدانماركي “لارس لوكا راسموسن” يوضح في خطابه بجامعة هارفرد سنة 2015 أن تسمية الإشتراكية لا تنطبق على بلاده بل هي تعتمد على اقتصاد السوق، كما ان الأوروبيين يطلقون عليها تسمية “الديمقراطية الاجتماعية” والتي يمكن أن تكون هي الأقرب لبرنامجه الانتخابي .

يعد برنامج ساندرز الانتخابي “راديكاليا” على حد تعبيره، للتبنيه رؤية تعتمد على مساعدة العمال من قبل الدولة عوض أصحاب رأس المال كما أن محاربة التفاوت الطبقي هي أحد أولوياته، إضافة إلى خطابه المتعلق بمجانية الصحة والتعليم الجامعي.

إذن هذه النقاط ترسم الخطوط العريضة لبرنامج السيناتور المستقل و التي مازالت تحوم حول فلك “الديمقراطية الاجتماعية”.

ما الذي يجعله إشتراكيا ؟

عرف ساندرز بهجومه الصريح على رؤوس الأموال خلال خطاباته و”الأقلية المحتكرة للثروة” حتى أنه دعي في برنامجه لفرض ضريبة استثنائية على 1% الأغنى في الولايات المتحدة ليتم تخليص الطلبة من جميع ديونهم .
وفي إحدى تغريداته على موقع تويتر ذكر أن حملته ممولة من خلال تبرعات الطبقة العاملة لا من قبل رؤوس الأموال الفاسدين في إشارة إلى منافسيه. لكن خلال نشره لوثائق الضرائب لسنة 2016 بلغ دخله العائلي 561,293 ألف دولار مما يجعله ضمن ال1% المحتكرة للثروة.

و قد يسأل البعض كيف لمترشح الانتخابات في الولايات المتحدة الأمريكية أن يتجرأ على تسمية نفسه بالاشتراكي وهي تعد “تهمة” في بلاد كانت تخوض حربا باردة مع المعسكر الإشتراكي (الاتحاد السوفياتي)؟
إن السيناتور الأمريكي لا ينطق عن هوى، فخطابه مبني على دراسات وأبحاث. في سنة 2018 نشرت مؤسسة “قالوب للدراسات” معطيات توضح من خلالها أن 45% فقط من الشباب في الولايات المتحدة لهم رؤية إيجابية تجاه الرأسمالية مقابل 51% يفضلون الإشتراكية.
و بالنسبة للكهول فإن نسبة أنصار الرأسمالية تقلصت إلى حدود 56% و هي النسبة الأقل منذ سنة 2010.
بهذا يمكن القول أن الأمريكيين يفقدون إيمانهم بالنظام الرأسمالي جراء الأزمات الاقتصادية والاجتماعية والتفاوت الطبقي في الولايات المتجدة.

إن خطاب ساندرز “الراديكالي” قد يؤتي ثماره باستمالة الناخبين من الشباب والعمال الذين يعدون الأغلبية في المجتمع الأمريكي.

هل يحمل ساندرز بديلا للسياسة الخارجية الأمريكية؟

في مناظرة الحزب الديمقراطي بمدينة أيوا، اغتنم ساندرز الفرصة ليذكر بمعارضته لحرب العراق و تصويته ضدها في مجلس الشيوخ؛ ففي المناظرة قال السيناتور الأمريكي “لم أصوت فقط ضد حرب العراق … لقد ساعدت في قيادة حملة ضد الحرب” و أضاف “لقد فعلت كل ما في وسعي لتجنب الحرب”.
و هذا يذكرنا بخطابات باراك أوباما في الانتخابات الرئاسية سنة 2008 و التي ربما كانت أحد عوامل فوزه على نظيره الجمهوري “ماك كاين”.

هل حقا بيرني ساندرز مناهض للحروب ؟

رغم أن ساندرز كان يروج لنفسه إعلاميا بأنه من المعارضين للعدوان على العراق لكن بالعودة إلى سنة 1998، صوت بالموافقة على “حملة تحرير العراق” التي تنص على دعم الإجراءات الأمريكية للإطاحة بنظام صدام حسين. وك>لك لمساندة الجيش الأمريكي في العراق سنة 2003. كما صادق في ستة مرات متتالية في سنوات (2002, 2004, 2005, 2006, 2007 2008) على الميزانية العسكرية لوزارة الدفاع،
إلى ذلك صوت في سنة 1996 على إجراءات لفرض العقوبات على كل من إيران وليبيا
وتبقى موافقته على القصف الأمريكي على كوسوفو سنة 1999 هي الأكثر ضراوة، وتسبب موقفه في إقتحام مجموعة من النشطاء المناهضين للحروب لمكتبه.
وبتقديري، لا يختلف ساندرز عن أغلب المرشحين الداعمين للحروب الأمريكية.

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !