احتجاجًا على الزيادة في سعر الأعلاف : فلاحّو أولاد جاب الله ومناطق أخرى يغلقون الطرق ويهدّدون بالتصعيد!

نضالات فلاحيّة/ تونس/انحياز

مقال وجدي المسلمي
تحرير غسّان بن خليفة

يخوض فلاحو قرية أولاد جاب الله (معتمدية ملّولش بولاية المهدية) منذ يومين سلسلة من التحرّكات الاحتجاجية إثر إقرار زيادة جديدة في سعر الطن الواحد من العلف المركب بحوالي 300 دينار، من قبل الشركات الخاصة لانتاج وبيع الأعلاف. وذلك ضمن تحركات يخضوها صغار الفلاحون من مربّي الأبقار والمواشي في عدد من ولايات البلاد، خاصة بالمهدية وصفاقس.

وأغلق المحتجون خلال الأيام الماضية، عددًا من محلات بيع الدواجن بالمنطقة التابعة لعلامتي “شهية” و”المزرعة”، المملوكتين لأصحاب شركات إنتاج وبيع الأعلاف “ألفا” و”بولينا”، كتعبير عن غضبهم من هذه الزيادة، التي ستمنعهم من مواصلة نشاطهم وتهدّد مصدر رزقهم الأساسي. كما ينفذون إنطلاقا من الليلة اعتصامًا أمام مصنع شركة “فيتالي” للحليب بالمهدية، احتجاجًا منهم على عدم الترفيع في سعر بيع الحليب من المنتج (الفلاح الصغير مربّي البقرات) الى مجمّعي الحليب الذين يبيعونه بدورهم الى شركات تعليب الحليب.

إغلاق محل لبيع الدواجن “شهية” : صورة من صفحة تنسيقية الفلاحة الصغار بأولاد جاب الله

كما قرّر مربو الماشية بالمنطقة في خطوة تصعيدية الإمتناع عن بيع الحليب، لفائدة المجمّعات الكائنة بمعتمدية ملولش، تنفيذا لقرار تنسيقية صغار الفلاحة بأولاد جاب الله، التي أصدرت بيانًا بتاريخ 7 ماي تتوعد فيه السلطات بالتصعيد وإنتهاج أشكال جديدة من النضال إذا لم تتجاوب السلطات المعنيّة مع مطالب المحتجين.

و توسعت رقعة هذه الاحتجاجات، لتشمل إغلاق الطريق الرابطة بين ولايتي المهدية وصفاقس، مع حجز شاحنة تابعة لشركة إنتاج وبيع الأعلاف “ألفا”. وكذلك الطريق الرابطة بين معتمديتيْ جبنيانة وقصور الساف، مع إشعال العجلات المطاطية.

إحتجاز شاحنة تابعة لشركة “ألفا” لانتاج وبيع الأعلاف : صورة من صفحة تنسيقية صغار الفلاحة بأولاد جاب الله

وفي هذا السياق صرّح بلال المشري، عضو تنسيقية صغار الفلاحة بأولاد جاب الله لموقع إنحياز أنّ “أسباب الإحتجاجات تعود للزيادة غير الموجبة التي أقرتها لوبيات الأعلاف، يوم 4 ماي. إذ بلغ سعر الطنّ الواحد من العلف المركب 300 دينار، بتعلة إرتفاع مدخلات الأعلاف في السوق العالمية، جراء الحرب الروسية-الأوكرانية.” ونفى محدثنا هذا المعطى وأضاف : “التداولات في البورصة العالمية، تشير إلى إنخفاض أسعار الأعلاف في السوق العالمية، عكس ما تقوله الشركات المحتكرة لتبرير هذه الزيادة”.

كما دعا المشري السطات الجهوية ووزارة التجارة إلى استئناف المفاوضات في علاقة بجملة من المطالب التي تم الاتفاق عليها سابقا ولم تُنَفَذّ. ومنها أساسا إدراج العلف المركّب ضمن قائمة المواد الأساسية والمُسَعَّرة، خاصة أنّ كلفة إنتاج وبيع الحليب تخضع للتسعير وفق قوله.

واعتبر المشري أن “لا معنى” لقرار وزارة التجارة اليوم بالترفيع في حصص الشعير العلفي المخصصة لمربي الماشية، وأنّ التغذية الأساسية للأبقار تتمثّل في العلف المركّب”. كما انتقد محدّثنا غياب الرقابة من قبل الوزارة على ما أسماهم بـ”مافيا شركات الأعلاف”.

إغلاق الطريق الرابط بين صفاقس والمهدية على مستوى مالوش : مصدر الصورة صفحة صغار الفلاحة بأولاد جاب الله

ويذكر أن صغار ومتوسطي الفلاحين بمنطقة أولاد جاب الله، نفذوا إعتصاما بين شهري فيفري ومارس من العام 2021. وشهدت المنطقة احتجاجات واسعة على سياسة السلطة  بتوريد اللحوم من الخارج، والسماح للشركات بالترفيع المتتالي لأسعار الأعلاف الحيوانية. وهو ما أدّى إلى خنق صغار ومتوسطي الفلاحين بالقرية. وقد لجأت السلطة آنذاك إلى قمع تحرّكاتهم بقنابل الغاز المسيل للدموع، والإعتداء على السكان، فضلا عن اعتقال عدد من الأهالي.

ويشتكي صغار ومتوسطي الفلاحين في تونس منذ سنوات، من ارتفاع تكلفة إنتاج الحليب واللحوم جراء إرتفاع أسعار العلف المركّب، المتكون من الذُرة و فيتورة السوجا، أحد أهمّ العناصر لتغذية المواشي. الأمر الذي سيؤدي للقضاء على الآلاف من المربيّن حسب العديد من المختصين في السيادة الغذائية. ويتهم الفلاحون في هذا الصدد الشركات الخاصة التي تحتكر توريد وإنتاج وبيع الاعلاف، وهي”بولينا” و”ألكو” و”ألفا”، التي تقوم بترفيع الأسعار بصفة دورية، وسط غياب كلّي للسلطة الرقابية في ضبط هوامش الربح في بيع الأعلاف المرّكبة.

وإرتفع إثر هذه الزيادة سعر الكيس الواحد من العلف المركب وزن 50 كلغ إلى 79،500 دينار بعد أن كان في حدود 48 دينار، دون أن تشمل هذه الزيادة سعر بيع اللتر الواحد من الحليب عند الإنتاج (أي من الفلاح الصغير مربّي البقرات)، الذي ظلّ بـ1140مليم.

وفي نفس السياق نفّذ اليوم عدد من الفلاحين الصغار والمتوسطين بمناطق مختلفة من البلاد وقفات احتجاجية متزامنة أمام مقرات ولايات صفاقس وباجة. كما قام الفلاحون في المهدية بسكب الحليب أرضا أمام مقرّ الولاية في حركة رمزية، للتعبير عن سخطهم على الزيادات الأخيرة في سعر العلف المركّب.

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !