صوت من فلسطين: أيّ تعاون “بيئيّ” مع احتلالٍ ينهب أرض فلسطين ويدمّر بيئتها؟

نضال خلف طالب فلسطيني

تحیّة من القلب الى الشھداء التونسیین في الثورة الفلسطینیة من میلود بن ناجح الى محمد الزواري،

تحیة من فلسطین الى شھداء وجرحى الثورة التونسیة، 

بلَغَنا مؤخراً مشاركة بعض البلدیات التونسیة في مشروع التطبیع البیئي “climamed ،”حیث سیتمّ التعاون مع بلدیات تابعة لمستوطنات صھیونیة ضمن إطار “بیئي”. ومن سخریة القدر، فإنّ خبراً كھذا تزامن مع خبر اعتداء سلطات الاحتلال على قریة دیر بلوط في فلسطین، حیث تمّ اقتلاع 3400 شجرة ضمن مشروع “بیئي” صھیوني!

بدایةً، لا بدّ من إعادة التذكیر بأبسط البدیھیات: البلدیّات الصھیونیة لیست سوى أدوات لسلطة الاحتلال التي تُدیر المستوطنات الصھیونیة المُقامة زُوراً فوق أراضي فلسطین بعد قتل شعبھا وتشریده. وإذا كان الموقف الأخلاقي الرافض لھذه الخطوة غیرُ كافٍ للبعض، فإنّنا ندعو الى تفنید مفھوم التطبیع وغایات العدوّ من الحملة المتسارعة لفتح الخطوط مع الدول والمجتمعات العربیة. فماذا یعني “التعاون” مع الكیان الصھیوني؟

بدایةً، ھو تنكّر لتضحیات الملایین من أبناء الشعب العربي، بما فیھم أبناء تونس التي تعرّضت لانتھاكات مجحفة بحقّ سیادتھا وأمنھا واستقلالھا. إنّ مجرّد “تطبیع” فكرة وجود العدوّ وإمكانیة التعاون معه تحت أيّ غطاء ھو إھانة لكلّ شعوب المنطقة المُستھدفة من قبل المشروع الصھیوني. ونحتاج مجدّداً للتذكیر بأنّ “إسرائیل” لیست مجرّد دولة احتلال، إنّما ھي كیانٌ استعماريٌّ یھدف الى السیطرة على مقدّرات الوطن العربي مادیّاً وبشریّاً. بالتالي، فإنّ الحرب الصھیونیة ھي حربٌ شاملة ضدّ كل الشعوب العربیة وھي لن تھدأ قبل القضاء على جمیع قدرات ھذه الشعوب وتحویلھا الى ید عاملة رخیصة لمركز التحكّم الصناعي والتجاري المُقام على أرض فلسطین، والمدعو “إسرائیل”.

بناءً على ذلك، فإنّ أي طرح “للتعاون” مع الكیان الصھیوني ھو طرح “استحماري” لكونه یتغافل (ویغفل) عن حقیقة المشروع الصھیوني وأھدافه الإلغائیة ضد الشعوب العربیة وشعوب المنطقة. كما وأنّه یتجاھل الفكر العنصري الاستعلائي الصھیوني الذي یسعى دائماً الى الحفاظ على الید العلیا والسیطرة على القرار السیاسي والاقتصادي للدول المتعاونة معه. لھذا، فإنّ “التعاون” مع الاحتلال لیس سوى تجمیل لحقیقة تسلیم مقدّرات البلدیّات التونسیة لمخططات الكیان الصھیوني الھادف الى تحریف الاقتصاد والوعي التونسیّیْن بما یخدم ھدف الكیان في استعباد الشعوب العربیة.

لطالما كانت تونس رائدة الوعي العربي المناھض للاستعمار, وأنا، كما العدید من أبناء فلسطین ولبنان وسوریا وكلّ الشعوب العربیة، نعوّل على وعي وإصرار الشعب العربي في تونس على الصمود في وجه موجات الخیانة المتصاعدة. ألم تعلّمنا تونس، بلسان شاعرها أبي القاسم الشابّي، بأنْ:

وَقَالَتْ لِيَ الأَرْضُ – لَمَّا سَأَلْتُ : ” أَیَـا أُمُّ ھَلْ تَكْرَھِینَ البَشَر؟”

“أُبَارِكُ في النَّاسِ أَھْلَ الطُّمُوحِ وَمَنْ یَسْتَلِـذُّ رُكُوبَ الخَطَـر

وأَلْعَنُ مَنْ لا یُمَاشِي الزَّمَـانَ وَیَقْنَعُ بِالعَیْـشِ عَیْشِ الحَجَر.”

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !