بودكاست الاقتصاد بالسياسة | إلغاء الدعم : القضاء على منتجي/ات الغذاء وتعميق للأزمة الاجتماعية

إعداد وصوت : وليد بسباس، باحث شيوعي

تصميم : وجدي المسلمي

استمعوا إلى الحلقة السادسة من الاقتصاد بالسياسة على بودكاست إنحياز

مرحبا بيكم في الاقتصاد في السياسة،

الانقطاعات مازالت متواصلة. بعد السكر والقهوة والزيت توة خلط عليهم الحليب والكسكسي والمقرونة. بطبيعة تجاوزنا هوني مرحلة أنو نفسّرو الأمور بخرافات الإحتكار والتهريب و غيرو. أما الإشكال اليوم أنو وصلنا للحليب، وهوني المشكلة ولاّت واضحة وضوح الشمس الي المسألة متعلّقة بنقص في الإنتاج. وعندنا مدّة باهية توة ملّي بدينا نسمعو إلي قطيع الأبقار  ماشي و ينقص والفلاحة ولاّت تبيع في الأبقار متاعها على خاطر ماعادش خالطين. وهوني دخلنا في مرحلة متاع تدمير لحاجة قعدت الدولة سنين باش تبنيها. والمشكل زادا كي وصلنا للكسكسي والمقرونة رانا وصلنا للحاجات الي تشكّل جزء هام من الغذاء متاع التوانسة. ماناش نحكيو على غذاء متكامل. نحكيو هوني على الغذاء الي مازالت الناس قادرة عليه باش ما يجوعوش.

إيجا نبداو بالكسكسي والمقرونة. نسمعو في برشا حكايات من برشا متدخلين في المجال و كل واحد قاعد يحط في المسؤولية في راس الأخرين لكن استقرّ التفسير إلى أنّو موزّعي الموادّ الغذائية بالجملة هوما إلّي ولاّو رافضين يوزّعو الموادّ هاذي نظرا لتقلّص هامش الربح متاعهم إلّي ما زادش من عام 2008([1]) . لكن كيف نركّزو مليح لكلهم يحكيو على مسألة وحدة: مسألة الأسعار وهامش الربح متاع كل واحد من ها المتدخلين. هوني المسألة تختلف على انقطاعات السكر والقهوة والزيت إلّي أسبابها المباشرة كانت الصعوبات المالية الي يواجهوها ديوان الزيت وديوان التجارة بسبب سياسة التقشف إلّي تمارس فيها الدولة -كيما شفنا في الحلقة السابقة من الاقتصاد بالسياسة-.

الأسعار في الكسكسي والمقرونة تحددها الدولة بين كل متعامل ومتعامل من المنتج الأولاني وصولا للّي باش يشري من الحانوت وإلا من المغازة. المقرونة مثلا باش تمشي من الفلاح -إلّي هو المنتج الاولاني للقمح- حتى لصحنك تتعدّى أوّلا على مراكز تجميع الحبوب ومن بعد تتعدى لمصانع التحويل ومن غادي للمصنع الي باش يخرّج المقرونة ومن بعد تمشي لمحلاّت البيع بالجملة ومن منها لمحلاّت البيع بالتفصيل ومن غادي تشريها إنتي. والدولة محدّدة أسعار البيع بين كل متعامل. ساعة ساعة تفرض سعر على متعامل أقل من الكلفة متاعو. لكنّها في المقابل تعوّضلو الفارق عن طريق صندوق الدعم (إلّي نذكّرو مرّة أخرى إلي إسمو صندوق التعويض).

إلاّ أنّو هذا التدخل ما يصير كان على مستوى الحلقات الأولى من الإنتاج. الي صاير المدة الإخرة هو أنوّ الكلفة قاعدة ترتفع عند الناس الكل بسبب ارتفاع أسعار الطاقة: أسعار البترول إلي تأثر مباشرة على سعر نقل الموادّ هاذي وأسعار الكهرباء. في نهاية المطاف فمّا متعاملين تقلّص الهامش متاع الربح متاهعم والعملية بالنسبة ليهم ماعادش مربحة. هوني انّجمو نصدّقوهم وانجمو ما نصدّقوهمش ونقولو إلي الأسعار في مستواها الحالي مازالت تنجم تضمنلهم هامش ربح باهي. لكن الأكيد، أوّلا أنو أسعار الطاقة ماشية وتزيد وثانيا أنو في وضعيّة يتحكّمو فيها الخواصّ ومنطق البيع والشراء والمربوح، الدولة يبقالها زوز خيارات: يا تجبر التجار يبيعو بالأسوام الي هي تحددها حتى كان بالخسارة، يا تولّي ماعادش تدّخل في الأسعار وتحرّر تماما سوق الغذاء الي يشبّع في الناس اليوم.

الواضح والمعلن أنو الدولة ماشية في الاتجاه الثاني، أي تحرير الأسعار وعليه تحرير كامل حلقة الإنتاج. وقتها انّجمو نطرحو السؤال: هل أنو الخواصّ باش يساعدهم يوفّرو الكميات اللازمة؟ هل أنّو باش نضمنو أنو المتعاملين الي باش يشريو القمح والسميد ما يفرضوش أسعار منخفضة على حلقات الإنتاج الفعلية ويجبروهم على البيع بأسعار منخفضة وهكة يقتلوهم بالواحد؟ هل أنو الأسعار باش تقعد في متناول الناس باش ما يموتوش بالشر؟ هل أنو نقطة التوازن الي باش يحددوها المنتجين بين الأسعار الي يحبو يربحو بيها والكميات الي باش ينتجوها باش تكون مناسبة باش تغطّي حاجيات الناس لكل؟ هل أنو باش نضمنو أنو الكسكسي والمقرونة باش يقعدو يوصلو للتجمعات السكنية الصغيرة ذات القدرة الشرائية الضعيفة؟

الإشكال باش يكون أخطر بالنسبة للحليب: أغلب المنتجين في الحليب (أيّ مربّي ومربيات الأبقار) هوما منتجين صغار، والحالة هاذي خلقتها الدولة بين السبعينيات وأوائل الثمانينيات. يحكيلنا زياد كريشان متاع موزاييك أنو الدولة وقتها ماكانش عندها الإنتاج الكافي من الحليب باش تغطّي حاجيات الناس، عملت برنامج “العايلة المنتجة” ([2]): كل عايلة مستعدة تشارك في البرنامج هذا تعطيها الدولة بقرة وإلا زوز وتوفرلها العلفاء اللازمة. وهكّة ارتفع الانتاج ووصلنا حققنا اكتفاءنا الذاتي وولّينا حتى نصدّرو.

مع دخول صندوق النقد الدولي دخلنا في الي انجمو نسمّيوه برنامج “العايلة الغير منتجة”، أو بالأحرى “الدولة الغير المنتجة”. الحلقة الأولى من البرنامج هذا بدات نهارة الي الدولة سلّمت في العلفاء: العلفاء كانت من مشمولات ديوان الحبوب سلّمت فيها لشركة خاصّة إسمها قرطاج للحبوب إلي ولاّت محتكرة توريد الذرة والصوجا إلي هي المكوّنات الأساسية للعلفاء وتبيعها في السوق الداخلية لمصنّعي العلفاء.  الحلقة الثانية من ها المسلسل هي نهارة الي الدولة عام 2016 سيّبت البنك المركزي بمقتضى قانون أساسي يمنحو الاستقالية، وعليه ماعادش الدولة تتحكم في سعر الصرف: في عامين الدينار خسر 50 في الميا من القيمة متاعو، وبصفة آلية ارتفعت أسعار الذرة والسوجا في السوق الداخلية وعليه ارتفعت أسعار العلفاء ومن وقتها بدات أزمة المربين متاع الأبقار وحتى مربي الدواجن وبدات الناس تسلّم في القطيع متاعها لكن الانتاج في مجمله قعد كافي.

الحلقة الثالثة صارت في العامين هاذم بعد الكورونا وبالأخص بعد حرب روسيا وأوكرانيا. ارتفعت أسعار المدخلات متاع العلفاء وعليه ارتفعت كلفة إنتاج الحليب بالأخص على الفلاحة الصغار، أما سعر البيع المفروض عليهم قعد هو هو. كلفة الإنتاج يقدّروها بـدينار وستّة ميا الليترة وسعر البيع محددينهولهم بدينار و100. إذن ولاّو يخدمو بالخسارة وبداو يبيعو في القطيع متاعهم. والإنتاج اليوم نقص على قاعدة. من مليون و800 ألف إيترة في النهار ولّينا ننتجو كان مليون و 100 ألف إيترة. والرقم في انخفاض متواصل.

إذن: سياسة تخلّي الدولة في إنتاج أساسيات الغذاء متاعنا عن طريق تخليها على صندوق التعويض قاعدة تهز فينا رويدا رويدا نحو حالة من نقصان في ها الأساسيات تخلّي البلاد في خطر الجوع في مستقبل قريب.

كيما حكينا في حلقة سابقة على صندوق التعويض، سياسة التقشف الي دخلت فيها البلاد أدّات أنّها تنقّص في مقدار الفلوس الموجهة للدعم ودخّلت ديوان الحبوب وديوان الزيت وديوان التجارة في أزمة وهاذاكا إلّي أدّى لإضرابات المخابز والانقطاعات الي صارت في السكر والزيت والقهوة. مع الإشارة الى أنو الانقطاعات هاذي أدّات إلى أزمات في معمل تعليب الزيت النباتي وصنّاع الحلويات والمقاهي وهاي اليوم قاعدة تأدّي إلى أزمة في قطاع تربية الماشية والدواجن إلي باش تهز آلاف الناس للبطالة. يعني مع نقصان الموادّ الأساسية قاعدة دولة التقشف هاذي تخلق في أزمة اقتصادية واجتماعية على جميع الواجهات.

المطلوب واضح: الدولة تدّخل عن طريق صندوق التعويض في شريان العلفاء باش تمنّع الفلاّحة. مهما كلّف الثمن. المطلوب أنو الدولة تراجع مبالغ التعويض لحلقة إنتاج المقرونة والكسكسي. المطلوب الدولة تراجع سعر شراء الحبوب من عند الفلاحة التوانسة باش نضمنو صابة باهية. وهذا لكل عن طريق صندوق التعويض. مهما كلّف الثمن.

شنوّة تعليق الحكومة والمختصّين والكرونيكورات؟ “تونس تعيش في أزمة إقتصادية خانقة” و”المالية العمومية متدهورة” و غيرو. و ما قعدّلنا ما نعملو إلاّ انوّ نستنّاو لين توفى الإصلاحات و تو وقتها نرجعو نتنفنو. من هنا لغادي؟ نموتو.

إيجاو نتفاهمو على قاعدة صحيحة: مادام ماشين في منطق الإصلاحات والتقشف، الأزمة عمرها ماهي باش توفى، ومصر والأردن أحسن أمثلة أنّو الإصلاحات والتقشف هي دوّامة لا خروج منها.

خلّينا نذكّرو أنو سياسات الإصلاحات والتقشف هوما في جوهرها سياسة تشييح البلاد من الفلوس. نذكّرو أنو الفلوس تجي من الكريديات وأنّو تفرض علينا من الثمانينات أنّو كمية الكريديات الي تعطيها البنوك تنقص ([3]). نذكّرو أنّو تفرض على الدولة ماعادش تزاحم القطاع الخاص في الكريديات الّي بقات. نذكّرو أنّو كي الدولة ماعادش تاخو كريديات ولاّت ماعادش تستثمر. و كي الدولة ماعادش تستثمر حجمها ماعادش يكبر باش يغطّي حاجيات السكان وزادا كي حجمها ماعادش يكبر مداخيلها ماعادش تكبر بالنسق اللازم ([4]).

العامين الإخرانين الدولة التونسية دخلت في أعنف سياسات تقشف عرفتها في تاريخها، رغم ذلك حجم ميزانيات الاستثمار من جملة نفقات الدولة كانت الأضعف في 60 سنة: 12% في 2022 و13% في 2023.

في كلمة: سياسات التقشف هي الي تخلق أزمة المالية العمومية، موش أزمة المالية العمومية هي الي تتسبّب في سياسات التقشف.

الكلام هذا الكل قلناه في السابق و تلقاو الروابط في المقال المصاحب للبودكاست باش الي موش مقتنع يقتنع.

لكن خلينا نعملو رواحنا نصدّقو سرديّة “أزمة المالية العمومية”. هل حقا فما أزمة للمالية العمومية وقتلّي تنقّص 550([5]) مليون دينار من ميزانية دعم المواد الأساسية و في نفس الوقت  ميزانية الداخلية تزيد 400 مليون دينار من 2022 إلى 2023 وكي تجي تثبت تلقاها زادات مليار و600 مليون دينار من 2020 ل2023([6])؟ هل حقا فما أزمة مالية عمومية وقتلّي خدمة الدين الخارجي باش تزيد بزوز مليارات و900 مليون دينار ونتي تتسلّف من البرة فقط باش تعدّل الميزان التجاري متاعك([7])؟ هل حقّا فما أزمة مالية عمومية وقتلّي باش تخصص 3 مليار دينار فوائد الدين الداخلي وقتلّي البنك المركزي متاعك ينجم يشري عليك الديون وهو في نفس الوقت يطلّع في نسب الفايدة والبنوك ماشية وتزيد تتنفنف.

ما فمّاش أزمة مالية عمومية. فمّا أزمة إرادة سياسية.

إلى اللقاء.


[1] تواصل أزمة نقص الموادّ الأساسيةعزوف موزّعي المواد الغذائية بالجملة عن العمل.

[2] بعد البيض واللحوم الحمراء، الآن الحليب: منظومات الإنتاج في خطر.

[3] الأسس النظرية للإصلاح الهيكلي

[4] صندوق النقد وذاكرة الإصلاحات المفقودة: تفكيك الدولة والتطبيع مع الحياة الهشة: المالثوسية الإقتصادية على أرض الواقع (1986-2010)

[5] من 3771 مليون دينار في 2022 إلى 3220 مليون دينار في 2022.

[6] 4029 م.د. سنة 2020، 5260م.د. سنة 2022 و5697 سنة 2023.

[7] من 6048 م.د. في 2022 إلى 8945 م.د. سنة 2023.

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !