عبودية الديون أو الشكل الآخر للاستخراجية 2: في واجب الانسجام واستخلاص الدروس… أيّ برنامج شيوعي؟

بقلم وليد بسباس، باحث شيوعي

أمّا بعد؟ الآن وقد قُلنا ما قُلنا، ما عسانا نفعل كي لا يبقى كلامنا بكاء وعويلا في الصحراء؟ كيف لنا أن نمرّ ممّا يعبّر عنه آلان باديو بالنفي الضعيف إلى النفي القويّ؟ لكن فلنتّفق أوّلا عن نون الجمع التي أستعملها: هي نون جمع الشيوعيات والشيوعيين. ببساطة كما يقول دافيد غرايبر من نؤمن بالمبدأ الإنساني البسيط <<من كلّ حسب قدرته ولكلّ حسب حاجته>>. لكن كذلك نحن من يجب أن نُتبع آراءَنا وغضبَنَا وشعاراتَنا الرنانة بمواقف متناسقة مع تلك الآراء وذلك الغضب وتلك الشعارات. ونخرج من النفي الضعيف الذي يتمثّل إلى اليوم في جميع التنظيمات اليسارية الممأسسة التي بقيت في حالة معارضة راديكالية للسلطة وفي نفس الوقت المشاركة المتفانية في الرزنامة التي تفرضها من انتخابات تشريعية ورئاسية وبلدية مع الأمل الدائم في الصعود وكسب المحترميّة الديمقراطية. وكذلك تلك التنظيمات الصفراء بلا طعم ولا رائحة التي ترفع شعارات الديمقراطية الاجتماعية وتُردفها بتوصيات صندوق النقد الدولي من المطالبة بالشفافية ومكافحة الفساد ومقاومة الريع وتفكيك الترسانات القانونية لتحسين مناخ الاستثمار. ستكون هذه أوّل أسطر وآخرها عن هذه التنظيمات: آن الأوان للحداد على المنطق الذي حكم عشرية الانتقال.

الدرس الصفر الذي وجب استخلاصه هو ألاّ نتحدّث بلغة العدوّ وألاّ نستعمل أدوات تحليله للواقع. فالمنطق الليبرالي وتابعه <<الديمقراطي الاجتماعي>> يطرح كلّ شيء من زاوية رأس المال ويقوله بلغة المؤسسات الدولية المانحة: عند الحديث عن المديونية يتحدّثون عن “استدامة” تلك الديون وقدرتنا عن الخلاص. عند الحديث عن المالية العمومية يتحدّثون عن التوازنات الكبرى ومحاربة عجز الميزانية والتضخم. عند الحديث عن موارد الدولة يتحدّثون عن إصلاح جبائي أو عدالة جبائية ومحاربة الفساد والتهرب الضريبي. عند الحديث عن أزمة يتحدّثون عن “طبقة وسطى” دون تحديد ملامحها وعن انحدارها المتواصل منذ سنين… كدارس لبعض الرياضيات أعجب لعدم اندثارها بعد كل هذا الانحدار. عند الحديث عن أوضاع الناس يتحدّثون عن فقدانها القدرة الشرائية… الدرس الصفر هو أن نرى المديونية من زاوية أنها أداة استعمارية لن يتمّ التخلّي عنها إلاّ بسلاح أقوى مثلما تمّ التخلي عن الاستعمار المباشر. الدرس الصفر في المالية العمومية هو أنّ الدولة لا تُدار كما تُدار شؤون المنزل. الدرس الصفر في الحديث عن طبقات هو الحديث عن طبقات حقة لا عن طبقات إيديولوجية خلقتها الرأسمالية في بلدان الشمال لتُلغي الحديث عن البرجوازية كطبقة مهيمنة وبرجوازية صغرى كطبقة تابعة وعن بروليتاريا كطبقة ثورية ويصبح الجميع ينتمون لنفس الطبقة المسمّاة “طبقة وسطى” في إطار “الوفاق الوطني”. الدرس الصفر في الحديث عن حياة الإنسان هو ألاّ نختصر وجوده في أنّه كائن مستهلك… الدرس الصفر هو العودة للأساسيات: المنظار الديكولونيالي، المنظار الكينيزي1، المنظار الماركسي وأخيرا المنظار السوسيولوجي: أيّ محرّكات لرغبات الإنسان؟ أيّ ديناميكيات هيمنة تشق حقّا المجتمع؟ أيّ وجود فعلي لقوالب نستعملها يوميّا في الحديث عن “الواقع”؟

1- المنظار الكينيزي: نظرية إصلاحية لكن تحليل راديكالي – بداية بديل

فلنحسم الأمر من البداية: كينز لم ينظّر للشيوعية. بل قام بأشغاله ودراساته في إطار مجتمع رأسمالي وعمل على إيجاد حلول لأزمات هذه المنظومة. لكن أدوات تحليله لهاته المنظومة وخصوصا من الجانب المالي-النقدي فتحت أفقا كبيرة لفهم كيفية اشتغال الاقتصادات المالية-النقدية. كذلك دراسات علماء الإنسيّة حول أصل النقود. فأوّل أثر للكتابة وُجدَ بين أثار الحضارة السومرية، وكانت تلك الكتابات موجودة على لوحات كانت تعبّر عن اعترافات بالدين من شخص لآخر، أي بمثابة الصكوك. إلاّ أنّ تلك الصكوك تجد رواجا بين الناس لا فقط بين الشخصين الأوّلين. فمن أخذ بين يديه الصك يمكن أن يستعمله مع شخص ثالث ليأخذ منه بضاعة أو يعينه في خدمة ما. يقدّم له الصك والشخص الثالث على علم أنّه سيسترجع أمواله من الأوّل. وهكذا يروج استعمال مثل هذه الصكوك في حلقة متواصلة من ديون مقابل خدمة او بضاعة ما. بلغة أخرى، فإنّ من أوّل أشكال النقود كانت في شكل ديون، ديون يتمّ عقدها استجابة لحاجة المجتمع. من جملة تطبيقات هذه النظرية المالية-النقدية نجد كذلك مفهوم العملات المحلية المنتشرة الآن في عديد بلدان الشمال، وقد كان أبرز مثال لنجاح هذه العملات المحلية هي تجربة مدينة “فرقل” النمساوية2 بداية الثلاثينات زمن استفحال الأزمة التي اندلعت في 1929.

ما نستخلصه إذا أنّ العملة-النقود ليست شيئا جامدا محايدا في الاقتصاد، بل هي ملك اجتماعي عام يمكن خلقه حسب حاجات المجموعة بصفة ديمقراطية. هو الآن ملك خاصّ لدى المنظومة البنكية، فخلق العملة يتمّ حاليّا في أغلبه عن طريق القروض التي تُسديها المنظومة البنكية للاقتصاد. وتقرّر إذا البيروقراطية البنكية ورؤوس الأموال المتنفذة مقدار العملة التي يتمّ خلقها وضخّها في الاقتصاد، مستجيبة بذلك لما يسمّى <<اليد الخفية للسوق>>. جوهر ما قاله كينز هو أنّ على الدولة خلق ما يكفي من العملة زمن الأزمات لكي يتمّ دفع الطلب من ناحية ليدفع بدوره من ناحية أخرى المؤسسات الخاصة على الاستثمار ويدخل إذا الاقتصاد في حلقة مزدهرة من الاستثمار وتقليص البطالة ليزيد ارتفاع الطلب ويشجع بدوره المؤسسات على مزيد من الاستثمار. إلاّ أنّ هذه النظرة الكينيزية موجهة أساسا لاقتصادات رأسمالية تكون فيها رؤوس الاموال هي سيّدة الأمر في قرار الاستثمار من عدمه لكن كذلك في ماهية تلك الإستثمارات. رؤوس الأموال لن تستثمر في دور شباب\ثقافة في مناطق غابت عنها الدولة بل ستفضّل الاستثمار في البعث العقاري أو المساحات الكبرى والـ “مولز” لتلهو فيها <<الطبقة الوسطى>> وتُفرغ حمّاها الاستهلاكية.

ما يمكّننا هنا التحليل المالي-النقدي الكينزي هو ألاّ نتساءل من أين تأتي الأموال إن أمسكنا يوما ما بالسلطة وأردنا تنفيذ برنامج ثوري. فما الفرق بين “برجوازية وطنية” تسحب أموالها من النظام البنكي وتضخهم في “الاقتصاد” لتستثمرهم ودولة ذات سيادة نقدية -أي ذات سيادة على البنك المركزي- تخلق الاموال اللازمة عن طريق البنك المركزي وتضخها في الاقتصاد لتنفيذ نفس المشاريع؟ وهنا يجب أن نشير إلى نقطة أخرى تخصّ البنك المركزي: تذهب أغلب الخطابات المنادية بإلغاء استقلالية البنك المركزي إلى أن هاته الاستقلالية تمنعه من إقراض الدولة بفوائض منخفضة أو أصلا بدون فائض. هذا صحيح لكنّها زاوية طرح ضيّقة جدّا. فسياسات التقشف برمّتها مرتكزة على استقلالية البنك المركزي لأنّ الإصلاح الهيكلي هو في جوهره قرارات تخصّ السياسية المالية-النقدية للدولة: ترفيع في نسب الفائدة، ترفيع في نسب الاحتياطي الإلزامي، عدم التدخل في سوق الصرف لـ “تظهر القيمة الحقيقية للعملة” وهو ما يترتّب عنه آليّا تدحرج لقيمة العملة مثلما حصل في تونس بعد 2016 3… إلغاء استقلالية البنك المركزي هو أوّلا وقبل كل شيء إعادة العملة كملك عمومي.

لكن مثلما تحوّل الحديث عن تأميم وسائل الإنتاج إلى شكل سمّاه البعض رأسمالية دولة تميّز أساسا بشكل تسيير بيروقراطي وتشكيل طبقة من المتنفذين والمستكرشين داخل الجهاز الحزبي-الإداري، وجب التعامل بنفس الحذر مع العملة. لا خوفا من التضخم -سنعود إلى هذا الموضوع لاحقا- بل خوفا من نفس الانحرافات. وهذا ما تعالجه بسهولة العملات المحلية، وهي تمكّن المجموعات البشرية الصغيرة الحجم بتنشيط الحركة داخلها دون العودة إلى سلّم بيروقراطي شاهق الارتفاع للموافقة على إنجاز حديقة وضخّ الأموال اللازمة: العملات المحلية للمساهمة في المشاريع الصغرى  ذات الفائدة الاجتماعية المحلية، العملة الوطنية لتنفيذ المشاريع الكبرى التي يستفيد منها الجميع في إطار دولة مُخطّطة.

2- من أجل عمل ذو قيمة اجتماعية

من جملة ما مكّننا منه التحليل المالي-النقدي هو أن نرى بوضوح أن الوظائف التي تندرج في خانة التصدير الكلّي هي وظائف لا قيمة اجتماعية وطنية لها ولا ينتفع منها إلاّ الحرفاء-وراء-البحار ويتمّ خلاصها عبر طبع للعملة وتبقى العملة الصعبة في مخزون العملة الصعبة لدى البنك المركزي. بلغة أخرى من زاوية القيمة الاجتماعية البحتة، هي وظائف وهمية يتمّ خلاصها عبر طبع للعملة. هناك على الأقل 890.000 تونسية وتونسي4 يعملون ويذهب منتوج عملهم إلى ما وراء البحار. ولا أمل لنا في تسلّق سلّم القيمة المضافة عبر عمليات نقل التكنولوجيا المزعومة التي يتمّ التسويق بها للصناعات المصدّرة كليا. وهو ما يقوله سمير أمين بأنّ الخطّ الفاصل بين بلدان المركز والأطراف يتمثل أساسا في الهيمنة على الموارد الطبيعية لكن أساسا على التكنولوجيا والإعلام ورؤوس الأموال والأسلحة النووية. موضع الهيمنة هذا لن يسمح بأن يفلت منه أي مجال من هاته المجالات الخمس، وفيما يخصّنا هنا لن يترك هيمنته على التكنولوجيا تفلت منه. لم ولن نلقى إلاّ فتات الحلقات السفلى من أيّ صناعة من الصناعات التي “يستثمر” فيها رؤوس أموال الشمال في بلدنا.

إن أضفنا لهم العاملات والعمال الفلاحيين وعاملات وعمال السياحة وجزء كبير من قطاعات التربية والتعليم العالي و100.000 عون داخلية مهمتهم الحفاظ على النظام العام الاستعماري، يمكن أن نصل إلى رقم مليونيّ تونسية وتونسي يعملون بصفة مباشرة من أجل الحريف-وراء-البحر5. مع الموارد التي تضعهم المجموعة من أجلهم من نقل وصحة واستثمارات مختلفة في البنية التحتية وغيرها. من جانب آخر، فإن الإصلاح الهيكلي أجبر العديد على القيام بأعمال يمكن أن نشبّها بوضع دلو صغير في مجرى تدفقات النقود. الوضعية الصفر هي السرقة الموصوفة أو البراكاج. لكن هذا كذلك حال بعض “الوظائف”، مثلا حال حرّاس السيارات الغير رسميين الذي يأتيك حاملا هراوة في يسراه والابتسامة لا تعلو محيّاه ليقتطع منك مقدار عدم اعتدائه على سيارتك6. نجد كذلك عمال قطاع التسويق والإشهار الذين تتمثل مهنهم في تزيين الحقائق حول منتوج ما، وهو قطاع نشط منذ بداية دخولنا لما يسمّى مجتمع الاستهلاك وغيرهم كثير7… وفي أقصى سلّم المحترمية لمثل هذه المهن نجد “البنكاجي” الذي يأخذ حصّته من كل معاملة  مالية تصير على حسابك البنكي. هذا الموضوع يتعمّق فيه جيّدا عالم الإنسيّة دافيد غرايبر في مؤلفه <<الوظائف التافهة>>.

أيّ إصلاح ممكن لمثل هذا الاقتصاد؟ ما يجب أن يطرحه الشيوعيون هو إعادة تشكيل حركة اقتصادية موجهة أساسا نحو الداخل أو نحو شعوب أخرى في إطار تضامن بلدان الجنوب مثلما تفعله اليوم دولة كوبا بتقديم العون لبلدان الجنوب ببعثاتها الطبية. أوّل الأولويات هي السيادة الغذائية وتحويل أكبر جزء من قوة العمل نحو تحقيق هذه الغاية من منظومة تربوية-جامعية وبنية تحتية مائية وعاملات وعمال فلاحيين وتحويل لصبغة الأراضي الفلاحية التي تُستغل لإنتاج منتوجات موجهة للتصدير وتستهلك موارد مائية لا قدرة لنا على توفيرها في وقت يشكو الناس من العطش وهم على بعد بعض مئات من الامتار من السدود. كذلك الحفاظ على الثروة البحرية بالقطع مع أساليب الصيد الاستخراجية ويتمكّن الصيادون الصغار من العيش بكرامة ولا يلجؤوا لتنظيم رحلات حرقة أو بيع مراكبهم8. ومثله تحويل أكبر جزء ممكن من أجل تحقيق منظومة صحية متكاملة، من المستوصف إلى المستشفى الجامعي، من الأطباء إلى العملة والموظفين اللازمين لضمان كرامة الإنسان، من نظام مراقبة صحية إلى تقنيين لتصنيع وصيانة ما أمكن من تجهيزات صحية… هذه فقط أمثلة من الأساسيات التي يمكن العمل عليها، لكن نرى أنها ستستوجب تحويلا كاملا لجميع المنظومات وأولها المنظومة التربوية-التكوينية. هذ البرنامج في حدّ ذاته سيستوجب تحويل طاقات بشرية كبيرة من أجل تحقيقه.

3- عن “الإنتاج والإنتاجية” ومجتمعات البهجة ضد مجتمعات الرتابة والهشاشة واللهيث

وبعد تحقيق السيادة الغذائية والمنظومة الصحية المتكاملة وغيرها من الأساسيات، أيّ مكان لليد العاملة المتبقية؟ نوعية هذه الأسئلة بالذات هي مظهر من مظاهر ما جنته علينا ثقافة <<الإنتاج والإنتاجية>> وأنّ كلّ راتب يجب أن يقابله <<عمل مُنتج>>. كذلك هذه النوعية من الأسئلة في جوهرها هي تعبير عن هاجس التشغيل. علينا هنا أن نتذكر أن التشغيل لم يصبح هاجسا إلاّ بعد هجوم الرأسمالية ليصير الشغل “سوقا” ويتمّ تبنّي هاته العبارة الركيكة <<سوق الشغل>>. <<سوق الشغل>> كالعديد من مثيلاتها هي إحدى قوالب التحليل التي لا تنشأ إلاّ في مجتمعات الهشاشة التي تنتجها الرأسمالية. ويتنافس الناس من أجل شغل ليحققوا لقمة العيش. وتكتمل دائرة التحليل والتأنيب بأن يوصم المعطّلون عن العمل بالخاملين والفاشلين9.

 للإجابة عن هذا السؤال يمكن أن نبدأ بالرجوع لبعض آلاف السنوات إلى الوراء. يروي لنا عالم الإنسية مارشال سالينز في مؤلفه <<اقتصادات العصور الحجرية>> انّه وعلى عكس الفكر الرائج، فإن مجتمعات الكفاف10، أي المجتمعات الأولى التي كانت تكتفي فقط بتحصيل طعامها، كانت مجتمعات وفرة ولا يخصصون إلا وقتا قليلا لجمع قوتهم. وباقي الوقت؟ يمضونه في الترفيه عن النفس! وهي بأتمّ معنى الكلمة صفعة للإنسان الحديث: فالحياة البشرية والاجتماعية لا تقتصر إلاّ على “الإنتاج” وتحقيق “القيمة”. بطبيعة الحال، على لسان الإنسان الحديث، المقصود بالإنتاج والقيمة هو “إنتاج بضاعة ذات قيمة ما لبيعها في سوق ما”.  نعود إذا للإجابة على سؤال “أيّ مكان لليد العاملة المتبقية؟”: المسرح، السينما، الكتابة، الموسيقى، الرياضات بجميع أنواعها، زراعة الأزهار… ومجالات أخرى يمكن ألاّ تخطر على بال عقولنا الناشئة أغلبها في مناخات برجوازية صغرى… كلّها مجالات تجعل حياة المجموعة أجمل! نحن نقبل أن يتقاضى بنكاجي أو مقدّم تافه لحصص تلفزية رديئة اليوم أضعاف ما يتقاضاه طبيب في الصحة العمومية، نقبل أن يكون لنا آلاف المقاهي الحزينة في كلّ حيّ، فلا جناح علينا أن أردنا أن يخصص جزء من خلق العملة لتدخل البهجة في قلوبنا!

قد يبدو هذا طوباويّا، لكن فلنتأمّل حياتنا اليوم: أقصى الترفيه لأغلب الناس الآن هو الركون في المقاهي والحانات وصرف جزء هام من المرتب هناك لتذهب في جيوب بعض المستكرشين وأصحاب العلاقات “الداخلية” الذين لا يوفّرون حتى الحدّ الأدنى من الحقوق الاجتماعية لعملتهم! وفي أغلب الأحيان يكون الذهاب هناك لا بحثا عن البهجة والسعادة بل هروبا من واقع رديئ وتمضية لوقت رتيب. ولا ننسى أن القهوة مستوردة وحتى جعتنا الوطنية ليست وطنية11 ! أيّ مانع من أن نجد مسرحا صغيرا أو أيّ شكل من أشكال بث البهجة لا تخطر ببالنا12 في كلّ حيّ عوض عن المقاهي، أو لم لا أن يكون ذلك المقهى جزءا من فضاء عروض. على الأقل من حقنا أن نحلم بمشهد أحياء تحتمل مظاهر حياة جماعية فيها حدّ أدنى من التنوع، لا فقط مقاه يلجأ إليها الذكور بعد ملئ بطونهم. لكن توفّر للأجيال القادمة مشاهد لأحيائهم غير المشاهد الرتيبة التي نشأنا عليها بعد أن تمتّع الجيل السابق بالحدّ الأدنى المتمثل في دور الشباب والثقافة. هذا ما يجب أن نطرحه: مجتمع البهجة عوض مجتمع الرتابة والهشاشة واللهيث وراء مواطن الشغل.

سيقولون أنّ مثل هذه الممارسات ستولّد حالة من التضخم لأنّنا “سنطبع العملة دون ما يقابلها من الإنتاج”. أوّلا وجب التذكير أن حالات التضخم الكبرى في التاريخ لم تحصل إلاّ في سياقات حروب أهلية أو أزمات سياسية كبرى13. ثانيا بأنّ التعويل على خلق العملة سيكون فقط للضرورة الاجتماعية وأن هذا المنوال لا يفترض التخلي عن الضرائب14 لكن يجب تذكيرهم بأن أكبر عوامل التضخم لدينا هي تقلّب الأسواق العالمية -التي لا نتحكّم فيها قطّ- والانحدار المتواصل لقيمة الدينار -التي سببتها سياسات البنك المركزي “المستقل”-. يقول الاقتصادي فاضل قبوب15 في هذا السياق أن الإنفاق العمومي في السيادة الغذائية سيمكّن على العكس من السيطرة على التضخم بما أنّنا سننتج محليّا ما هو أساسيّ ونستغني عن توريدها من السوق العالمية. لن نبقى رهائن السعر سيتمّ تحديده وفقا للسوق الداخلية وليس رهينا للارتفاع المتواتر للأسعار العالمية مع تواتر الأزمات. يمكن أن نقول كذلك أنها ستكون مجرّد إعادة توجيه لليد العاملة في القطاعات المصدّرة كليّا والتي تقبض أجورها بطبع العملة نحو يد عاملة فلاحية ستقبض ثمن منتوجها من السوق الداخلية16 !!

تبقى هنا مسألة أخيرة: ما الضمانة في ظلّ تحرير العمل، أو بالأحرى تحرير البشر، من ألاّ يريد الجميع أن يكونوا مسرحيين ومغنين وسينمائيين؟ هنا بالذات سيأتي دور الدولة في التخطيط! أيّ دولة وأيّ تخطيط؟ أيّ إنتاج وأيّ طبقة عاملة إن بقيت؟ هذا ما يجب أن يندرج ضمن برنامج بحثنا (أنظر أدناه).

4- حتميّة الصراع مع الإمبريالية

لنا أن نتساءل: لم لا يكون بالإمكان إنجاز مثل هذا البرنامج المذكور أعلاه في سياق مثل الذي نعيش فيه اليوم ونمرّ رويدا رويدا نحو حياة أجمل؟ الإجابة قد أتتنا كلّ مرة حاولت فيها دولة ما تحسين شروط حياتها في الكوكب، وآخرها اليونان حين قطع عليها البنك المركزي الأوروبي الإمدادات النقدية. لكن بصفة أقل عنفا، يمكن أن نلاحظ في الأشهر الأخيرة تطور خطاب الإمبريالية تجاه الدولة التونسية من شديد اللهجة حريصا على الديمقراطية إلى أكثر ليونة وبشاشة بعد تعيين متعاملة قديمة مع البنك الدولي كرئيسة حكومة ثم انطلاقها في مفاوضات مع صندوق النقد الدولي وعلى ما يبدو وعودها بتنفيذ “الإصلاحات”. الإمبريالية لن تقبل حتى بزيادة في ميزانية الصحة، فما بالنا بقلب منظومة الإنتاج برمّتها!!

مثلنا مثل جميع بلدان الجنوب، نحن نوفر الثروات الطبيعية والمنجمية واليد العاملة البخسة والأدمغة للإمبريالية مقابل بعض الأنفاس لخلاص الديون وتوريد الغذاء والبترول. فقدنا سيادتنا الغذائية ولم يكن لنا يوم سيادة طاقيّة. في علاقة الهيمنة هذه، وفي الوضعية الحالية المتمثلة في انقسام بلدان الجنوب وفقدانها لوحدتها التي شكّلتها بعد مؤتمر باندونغ، فإن سكّين الإمبريالية تحت رقابنا. وهذا السكين له إسم: المديونية. فالمديونية هي التي أجبرتنا من بداية الاستقلال السياسي إلى توجيه الاستثمارات نحو القطاعات الاستخراجية للحصول على العملة الصعبة. هي التي أجبرتنا على فتح اقتصادنا تنفيذا للإملاءات. هي التي حوّلت مليوني إنسان إلى عبيد ديون. والمنحنى لا يبشر بالانفراج ما دُمنا نواصل في محاولاتنا لخلاص الديون والظهور بمظهر التلميذ النجيب أمام الإمبريالية. ولا يجب أن نتوهّم أن الامبريالية غير واعية بالثروات الطائلة التي تدرّها عليها عبودية الديون التي تفرضها على بلدان الجنوب.

أوّل خطوة في تنفيذ هذا البرنامج هي إلغاء الديون. ولا فقط إلغاء الديون، بل المطالبة بتعويضات من الإمبريالية لما ألحقته لنا من ضرر منذ فترة الاستعمار المباشر ثمّ تحويل صبغة الاقتصاد في السبعينات (بعد أن ساندت سياسات بن صالح) ثم فرض سياسات الإصلاح الهيكلي التي أدّت من جملة ما أدّت إلى تقليص حجم الدولة وتعريض البلاد وطنا وأجسادا إلى حالة من الهشاشة لمحنا آخر مظاهرها من خلال عشرات آلاف ضحايا الوباء في السنة الاخيرة. هذا من زاوية الموقف السياسي النظري الذي لن يتحقق بصفة كاملة دون تضامن بلدان الجنوب17. لكن هذا لا يمنعنا من إعلان الموقف، لا فقط من زاوية مبدئية، بل كذلك من أجل قلب عقدة الذنب التي يحمّلها لنا بلدان الشمال. على كلّ حال، علينا دراسة تجارب تعليق\إلغاء المديونية التي نجحت فيها بعض بلدان الجنوب (الإكوادور، الأرجنتين…). هذه المسألة مرتبطة عضويا بكيفية صعودنا للسلطة: صدفة تاريخية مثل قيس سعيّد؟ انقلاب على شاكلة سانكارا؟ انتخابات على شاكلة شافيز وغيره من الرؤساء في أمريكا الجنوبية خلال السنوات الـ 2000؟ أزمة خانقة مدمّرة تأتي على الأخضر واليابس؟

في جميع الحالات، مسألة الوصول إلى السلطة لا تزال بعيدة بعض الشيء لكن لا مناص لنا حينها من “العقاب”، أي عقاب الإمبريالية. هذا العقاب سيتمظهر في شكل نقص في بعض الأساسيات وفي شغور أروقة المساحات التجارية الكبرى وفي صعود نسب التضخم. لا مناص من هذا، مهما كان شكل صعودنا للسلطة. هذا إذا سيستوجب منا عملا كبيرا على مخيالات الناس ليكون “الما-بعد” مرغوبا فيه18 من الناس -في حالات الصعود السلمية للحكم- أو على الأقل أن تكون الطريق التي نطرحها واضحة المعالم في أذهان الناس، أو على الأقل أذهان أقلية قابلة للعمل من أجل أن تسلكها. في جميع الحالات، لا مناص من أن نقاوم مخيال الاستهلاك. وألاّ نطرح أبدا في أيّ برنامج من برامجنا مسألة “تحسين القدرة الشرائية”. بكلّ بساطة لأنّ استهلاك “الطبقة الوسطى” هو من العملة الصعبة التي أتت من عرق عاملات النسيج. يجب القطع مع منطق الاستهلاك ومعه كذلك القطع مع أخيه التوأم منطق التبذير، وفي هذا عمل كبير على إعادة الجانب الاجتماعي للإنسان وعدم تلخيصه في كونه كائنا استهلاكيا.

قد يبدو هذا الجانب أقل تقنيّا وأكثر شاعريا. لكن فنقلها بوضوح وصراحة: يجب أن نعمل على بعث “إنسان جديد”. سيقولون هذه محاولات سيطرة على العقول وسيطرة على الأجساد. لكن هؤلاء لا يرون أنّ الرأسمالية برمّتها وكذلك الرأسمالية الاستعماري الذي نعيشه في بلدان الجنوب هي عملية خلق متواصل للإنسان المستهلك: من الإشهار في الحصص التلفزية للأطفال إلى الروايات التي يتلقونها والأفلام التي تعرض عليهم والبروباغندا اليومية في الإذاعات والتلفزات واستلاب العقل والوقت والإرادة عبر شبكات “التواصل” وصولا إلى تدريس الصوفت-سكيلز في البرامج الرسمية في أغلب المسارات الجامعية…

5- في الأثناء: من أجل برنامج بحث شيوعي… وحزب شيوعي!

يقال أنّ التعريفات الممكنة للشيوعية هي على عدد من يؤمن بها. هناك من يرى فيها مبدأ إنسانيا قبل كل شيء، مثلما يكتفي بذلك دافيد غرايبر حين يختزل الشيوعية في شعار “من كلّ حسب قدرته ولكلّ حسب حاجته”. هناك من يجب أن تقترن الشيوعية وجوبا لديه بتأميم\مشركة وسائل الإنتاج. ما يجمعنا هي راديكالية الطرح والطموح إلى القطع مع الموجود وأهم من ذلك الإيمان بوجود إمكانية تجاوز حالة العجز من أجل المرور إلى حالة إنسانية أرقى نسمّيها جميعنا الشيوعية. كشرط ضروري لكن غير كاف لذلك يجب أن نشترك على رفض كلّ موجود وكلّ خطاب يظهر أو يُضمر التطبيع مع أيّ مظهر لعلاقات الهيمنة الموجودة اليوم: من علاقات العمل ومختلف العلاقات الاجتماعية إلى أبسط العلاقات الإنسانية. نشترك على رفض وكلّ موجود وكلّ خطاب يُظهر أو يُضمر التطبيع مع المهيمن الثقافي اليوم من جميع جوانبه.

لا أظنّ أنّ هناك شيوعيان يختلفان حول أنّ هذا البرنامج هو “الحدّ الأدنى الشيوعي”، أو على الأقل “الحدّ الأدنى الاشتراكي” أو لنقل الحدّ الأدنى لكي نستطيع أن نضع نقطة في الأفق نشير إليها كلّما سُئِلنا: ما الشيوعية، وماذا تريدون؟ بطبيعة الحال لا يمكن تحقيقه دون الوصول إلى السلطة. أقول: نحن بعيدون كلّ البعد من أن نصل إلى السلطة، بأيّة طريقة كانت، “انتخابات ديمقراطية” أو “ثورة شعبية” أو “انقلاب” أو “أزمة”. وحتى إن وصلنا للسلطة عبر صدفة تاريخية مثلما يبدو أن نجحت في ذلك بعض وجوه يسارية، فمن المستحسن أن يكون البرنامج واضحا في أذهاننا كي لا يجد الرئيس الذي ساهمنا في صعوده نفسه دون خطّة واضحة ويرتمي في أحضان صندوق النقد الدولي ويجترّ جميع مسلّمات الفكر المهيمن. كذلك قد يقول البعض أنّه بإمكاننا “تلطيف” هذا البرنامج ليحظى ببعض المقبولية ونقوم بالتحالفات اللازمة لتنفيذ ما تيسّر منه. التاريخ يثبت كلّ يوم أنّ هذا ليس دورنا. والعشرية السابقة أثبتت أنها فكرة فاشلة. إن كان لنا دور آخر على الساحة السياسية بخلاف محاولة الصعود إلى السلطة ببرنامجنا، فهو جذب الساحة الفكرية والسياسية برمّتها نحو مواقع أكثر راديكالية. هذا يمرّ حتما عبر فرض هيمنتنا الثقافية على قطاعات واسعة من المجتمع. فإن رأيتم حزبا ستالنيا أو ماويّا أو تروتسكيا يدعو لإرساء المؤسسات الديمقراطية ولحوارات وطنية وينخرط بكل جهده في الأجندة الانتخابية واللعبة الديمقراطية تحت خيمة المنظمة البيروقراطية العاشورية، فلا تتعجبوا أن يتبنّى أحد الأحزاب اليسارية-الديمقراطية-الاجتماعية الصفراء تعليمات صندوق النقد الدولي كبرنامج! يجب أن يكون الخطّ الفاصل بيننا وبينهم واضحا وجليّا: بيننا وبين اليمين ولكن كذلك بيننا وبين… “اليسار”: يسار “غاضب”، يسار في بعض أجزائه صادق ومناضل، لكن يسار يفكّر ويقترح بقوالب اليمين.

دورنا، إن كان لنا اليوم دور ما، هو أن ننير بعض الطريق ونكون نقطة الحقيقة الثابتة19 في زمن الارتباك هذا، لعلّنا كذلك نكون جاهزين عندما “تأتي اللحظة”. ولن ننير الطريق في حالة التخبّط المعرفية التي تسود الأوساط المناضلة وكلّ يغنّي على ليلاه. ولنتذكّر أنّ الشيوعية لم تصر شيوعية ولم يصبح هناك نقطة واضحة في الأفق يسير نحوها الشيوعيون إلاّ بعد كتاب “رأس المال”. لن ينفعنا شيء مزيد التخبط وتسجيل المواقف والنقاط وآخر مُؤَلَّف جدّيّ كان هدفه وضع نقطة في الأفق نسير نحوها هو “المجتمع التونسي”20 لحمة الهمامي في 1989. ما وضعته هنا في هذا المقال وفي سابقيه هو مقترح أرضية لبرنامج بحث وعمل حاولت أن تكون علميّة وذو مرجعيات وإن لم تكن في الأصل منسجمة فإنّها تسمح لنا بتفكيك الموجود وبناء المنشود. على برنامج البحث هذا أن يقوم بمهمّتين اثنتين: الأولى هي الإجابة على سؤال ما العمل إن وصلنا إلى السلطة، والثانية هي تقديم خطاب مغاير في جميع المجالات التي بسطت فيها الليبرالية هيمنتها الثقافية علينا وعلى المجتمع. نتحكّم نحن في بنود برنامج البحث والعمل هذا وشروطه ووجهته، ولا نبقى رهائن لطلبيات المموّلين الدوليّين للمنظمات المحلية بنفس الطريقة التي تُرتهن فيها مصانع النسيج في تونس لطلبيات الحريف-وراء-البحار21.

قد يُقال: هذا برنامج عمل لـ “المثقفين”. أقول: قد فشلنا في جميع محاولات “الانغراس” و”الالتحام” و”الالتصاق”، فلننجح على الأقل في أن نكون “مثقفين” علّ ذلك يفتح لنا الطريق لننجح فيما فشلنا سابقا. على كل حال، لنا ما يكفي من مهامّ البحث: أوّلها تفصيل ما نريد القيام به: أي فلاحة نريد؟ أي غذاء نريد؟ أي مصادر للطاقة وأيّ وجهة لهاته الطاقة. أيّ استراتيجيا صحية؟ أيّ قيمة للعمل وأيّ سبيل لتحريره؟ لكن كذلك: كيف الوصول إلى تفعيل برنامجنا حين نصل للسلطة: كيف سنتعامل في المرحلة الانتقالية وأيّ استثمارات نقوم بها أوّلا وأيّ أجزاء من العالم القديم نحافظ عليها حتى آخر لحظة من مرحلة الانتقال؟ أيّ استراتيجيا لإلغاء المديونية حسب أيّ سياق وصولنا للسلطة؟ أي مراحل لتوجيه الإنفاق العمومي عبر خلق العملة المناسبة دون خلق صدمة في الطلب؟ أين نضع سقفا لحريّة “السوق” في المستوى المحلّي وأيّ عتبة نضعها لتدخّل الدولة عبر التخطيط في القطاعات الحياتية دون التدخل في لون ملابس الناس الداخلية؟ كيف نضمن عدم نشوء بيروقراطية تتمعش من هيمنة جهاز الدولة؟ هل نعمل على تفعيل بعض تجارب العملة المحلية منذ الآن وكيف ذلك؟ لكن وبالأخص: هل سنترك الساحة العامة لينطق فيها الرويبضات في جميع المجالات بحقيقة السوق وتبقى حقيقتنا غائبة؟ والأهم هنا: إلى متى نبقى دون حقيقة؟ إلى متى نبقى دون حزب؟


1. لتحديد مفهموم الكينيزية الذي أتحدث عنه، أنظر <<لا تدار الدولة كما تدار شؤون المنزل (...)>>

2. يمكن أن نجد تفصيلا لقصة هذه القرية في الشريط السينمائي "العملة المعجزة".

3. أنظر: إغراء الميزانية ثم الإمتناع عن إنقاذها… <<بعض ممّا جنته علينا استقلالية البنك المركزي>>.

4. 500.000 مهاجرة ومهاجر و390.000 عاملة وعامل في مؤسسات مصدّرة كلّيا.

5. أنظر الجزء الأول من هذا المقال.

6. وجب التنويه أن كاتب هذا النص لا يدين أخلاقيا ما يفعله حارس السيارات هذا: من أبسط حقوقه أن يعيش وأن يستعمل في ذلك ما تتيحه له المنظومة الرأسمالية الاستعمارية الموجودة.

7. أنظر: لا تدار الدولة كما تُدار شؤون المنزل: دليل الحاكم للحرص على الأرواح دون أن يخشى التضخم.

8. انظر الشريط الوثائقي "حدود زرقاء"، أزمة بحارة جنوب شرق تونس.

9. ويفتح هنا الباب كذلك لتفكيك مفاهيم "المصعد الاجتماعي" و"الاستحقاقية الدراسية"...

10. Sociétés de subsistance.

11. 61% من أسمهم شركة صنع المشروبات بتونس على الأقل على ملك الأجانب.

12. لا يجب أن يغيب عنّا هنا أنّ ما نتباكى عليه اليوم من اندثار لقاعات السينما ماهي إلاّ نتيجة عادية لذهاب الجمهور الذي بُنيت من أجله وهو جمهور البيض الأوروبيين… أما هذا فحديث آخر.

13. أنظر: مقاومة التضخم أو عنوان سياسات التقشف

14. لأسباب تقنية أهمها إعطاء رواج للعملة وثانيها التحكم في التضخم (وهي دائما أسباب مترابطة)

15. MMT Insights for the global south: Sovereignty, Resilience & Sustainable Prosperity - Fadhel Kaboub.

16. أيّ شكل ستتّخذه السوق في المجتمع الذي نتوق إليه؟ هي مسألة للدراسة والنقاش!

17. سنتجاوز هنا بعض المقترحات المخجلة لبعض الأحزاب المحسوبة على اليسار الداعية إلى "غزو الأسواق الإفريقية"

18. بالشكل الذي يتحدّث به فريديريك لوردون.

19. الصيغة لآلان باديو، وهي صيغة تُطرب أذان كاتب هاته الأسطر المتخصص في الرياضيات.

20. كتاب "المجتمع التونسي - دراسة اقتصادية واجتماعية" لحمة الهمامي الصادر سنة 1989.

21. تُخمة التقارير حول المديونية الصادرة أخيرا خير دليل على هذا الارتهان.

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !