فيديو|عاملات/ـال لاتيكوار المعتصمات: “لا يمكن لتعويضات هزيلة مكافأتنا على سنوات عمرنا الضائع في خدمة الشركة!”

تقرير من إعداد: عمل ميداني ريم الشعباني وغسّان بن خليفة/ مونتاج فيديو : وجدي المسلّمي

تحت خيمة بلاستيكيّة صغيرة لا تقي من برد ولا مطر، يتواصل منذ حوالي الشهر اعتصام عاملات وعمّال شركة لا تيكوار المطرودين، أمام مقرّ الشركة الفرنسيّة المتخصّصة في تصنيع قطع غيار الطائرات. وفي حين تصرّ المعتصمات على مواصلة النضال من أجل حقّهن المشروع في العودة إلى الشغل أو الحصول على تعويضات أفضل، تؤكّد إدارة الشركة أنّها احترمت كافّة الإجراءات القانونية ولا تنوي التراجع عن قرارها بطرد العاملات بتعلّة “الصعوبات الاقتصادية بسبب وباء كورونا”.

هذا وقد علم موقع انحياز أنّ ثلاث عاملات كنّ قد تعرّضن للإيقاف قبل يوم وأفرج عنهنّ في وقت متأخّر بسبب احتجاجهنّ أمام مقرّ الشركة.

أصل القضيّة

ويعود أصل القضية إلى أواخر شهر ماي من السنة الماضية، عندما زعمت إدارة الشركة أنّها تجابه صعوبات اقتصادية نظرًا لانخفاض طلبات شركات الطيران، نتيجة لتداعيات انتشار وباء كورونا. وقرّرت بناء عليه التخلّص من 324 عاملة وعامل (الأغلبية الساحقة للعاملين الـ 907 بموقعيْ الشركة في المغيرة والشرقيّة هنّ من النساء) لمجابهة الوضع الصعب، طالبة من عمّالها (الأغلبية الساحقة من العاملات) أن يتطوّعوا لمغادرة عملهم مقابل التعويض لهم حسب ما يضبطه الفصل 21 من مجلّة الشغل الخاصّ بحالات “الطرد أو الإيقاف عن العمل لأسباب اقتصاديّة أو فنّية [تقنيّة] (…)”.

للمزيد من التفاصيل حول أصل قضيّة طرد عاملات لا تيكوار

وتقول العاملات أنّ النقابة الأساسية بالشركة لعبت دورًا أساسيًا في إقناعهنّ بصوابيّة القبول بهذا العرض، إلى جانب مسؤولي تفقدية الشغل ببن عروس. إلّا أنّهنّ اكتشفن إثر دخول القرار حيز التنفيذ وقوعهنّ ضحّية خداع الإدارة، بتواطؤ من النقابة. اذ لاحظن أنّ الشركة كانت بصدد انتداب مهندسين جُدُد وتعمل على توسيع المصنع وإعادة ترتيب مواعيد العمل. كما يؤكّدن أنّهن علِمن بأنّ مسؤولي النقابة قد حصلوا على تعويضات أكبر بكثير من باقي العاملات رغم أنّهم خرجوا بنفس الآلية، ممّا يعزّز الشكوك في حصول التحيّل.

ومن جهة أخرى انتقدت المعتصمات قيادة اتحاد الشغل لعدم اهتمامها بقضيّتهنّ رغم العدد الكبير للعمّال المطرودين.

“تعويضات لا تقابل تضحياتنا الجسيمة”

إلى ذلك، ترفض العاملات الاكتفاء بتعويضات لا تتجاوز 60 ألف دينار (أي ما يعادل 1.8 من الأجرة الشهرية طيلة ثلاث سنوات، كما يحدّده الفصل 23 من مجلّة الشغل في حالة الطرد التعسّفي). اذ يعتبرن أنّ هذا المبلغ لا يمكن أن يكون مكافأة عادلة لما قدّمنه من تضحيات جسيمة لهذه الشركة منذ أكثر من عشرين عامًا (البعض منهنّ بدأن العمل منذ انطلاق الشركة سنة 1998) ، مثل ساعات العمل الإضافية والعمل نهاية الأسبوع (اضافة الى الـ 40 ساعة وسطه) وأيّام العطل وصعوبة التنقّل والخ. كما أكّد البعض منهنّ أنّ أغلب ما حصلن عليه من تعويض قد تمّ الاستيلاء عليه من قِبل البنوك التي اقترضن منهنّ لبناء مسكن أو شراء سيّارة أو لقضاء بعض الحاجات الضروريّة. وهو ما يضعهنّ في حالة اقتصاديّة صعبة جدًا بعد أن فقدن مورد رزقهنّ.

ومن بين العاملات المطرودات وجدنا (أنظر التقرير المصوّر) عاملة نظافة تعمل بالشركة منذ 11 عامًا، فقدت شغلها إلى جانب ابنها (الذي كان أيضا يشتغل في نفس الشركة بعقد مؤقت)، في حين لا يستطيع زوجها المُقعَد العمل، ممّا يجعل هذه العائلة في وضعٍ جدّ صعب بعد فقدها مورد رزقها تمامًا.

وعليه، تطالب المعتصمات بأحد أمرين: إمّا أن تتمّ إعادتهنّ للعمل أو أن يتمّ الترفيع جدّيا في مبلغ التعويضات.

ردّ الشركة: إجراءاتنا قانونية ولن نعيد أحدًا

ولمعرفة المزيد عن الموضوع التقى موقع انحياز بمسؤولين من إدارة الشركة: معزّ الماجري (مسؤول الموارد البشريّة) ومحسن عيد (المسؤول عن موقع الانتاج بالمغيرة). وقد أكّد كلاهما أنّ التخلّي عن العمّال كان لأسباب اقتصادية بحتة اثر تلقّي الشركة السنة الماضية رسالة من شركة “إيرباص” الفرنسية لصنع الطائرات (الحريف الرئيسي للشركة) أعلمتها فيها بأنّ طلبات الانتاج لسنتي 2020 و2021 ستنخفض بنسبة قد تصل الى 50%، ولن ترتفع تدريجيا قبل سنة 2022، قبل أن ترجع الى مستواها المعتاد في 2027. وهو ما كبّد الشركة خسائر وأدّى الى تسجيل “حاصل سلبي” لموسم 2019/2020 حسب قول السيّد الماجري.

اثر ذلك يقول المسؤولان، بدأنا في الإجراءات القانونية المتمثلة في تقديم ملف الطرد لأسباب اقتصادية لتفقدية الشغل بالولاية، وعقدت اجتماعات، بحضور النقابة الأساسية للشركة وجامعة المعادن والالكترونيك باتحاد الشغل والإدارة العامّة لتفدية الشغل واتحاد الصناعة والتجارة والخ. وقد تمّ قبول هذا الملفّ وطُلب من العمّال التطوّع للخروج، فلبّى النداء حوالي 83% من الذين وُضعوا على قائمة الطرد “لأسباب اقتصادية”.

وعند مجابهة المسؤولين باتهامات العاملات المعتصمات حول وجود انتدابات جديدة، ومحاباة النقابيين والخ. نفيَا قطعيًا هذا الكلام، وأكّدا أنّه لم تكن هناك أيّ انتدابات وأنّ النقابيين خرجوا بنفس الآلية وحصلوا على نفس التعويضات. إلّا أنّهما امتنعا عن مدّنا بوثائق تثبت كلامهما، رغم عرضهما قبل ذلك تقديم بعض الوثائق المناسبة لموقف الشركة.

كذلك، نفى المسؤولان مسؤوليّتهما عن استيلاء البنوك على مبالغ التعويضات. اذ أشار السيّد الماجري إلى أنّه تمّ تسليم الأموال من خلال شيكات، وأنّه ربّما كان على العمّال أن يحتاطوا بعدم إيداعها في تلك البنوك… كما أكّدا أنّه حتى لو عادت طلبات الانتاج الى سالف عهدها فإنّ الشركة لن تعيد العاملات المطرودات “لأنّه سيكون في ذلك ظلم للعاملين الذي بقوا بالشركة ولم يحصلوا على تعويضات”…

وأمّا عن مدى أخلاقية وعدل أن تفقد عاملات أفنيْن شبابهنّ في خدمة هذه الشركة ومراكمة الأرباح لأصحابها مورد رزقهنّ الوحيد، فقد كانت إجابتهما بأنّ هذا الأمر “مطابق للقانون ولمجلّة الشغل”، فيما أوضح السيّد معزّ الماجري، مدير الموارد البشريّة، أنّ وظيفته في الشركة تشبه عمل البستاني قائلاً: “عليّ أن أقطع الأغصان الزائدة حتّى تنمو الشجرة أكثر”.

للمزيد من التفاصيل عن الإعتصام:

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !