في بيان لحملات المقاطعة: “لا للتوقيع على بروتوكول مدريد لإدارة السواحل وكفّوا عن شعبويّة التبرير للتطبيع!”

أعربت، الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، وحملة المقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل، في بيان مشترك لهما، صدر يوم 3 جوان 2020, عن “قلقهما وإستنكرهما”، من حملة التهجمات المشينة التي أطلقها بعض النوّاب ضد زملائهم، الذين رفضوا يوم 2 جوان المنقضي، التصويت على مشروع القانون الأساسي المتعلق بالموافقة على إنضمام تونس إلى بروتكول إدارة المناطق الساحلية بالبحر الأبيض المتوسط، إلا بإدراج تحفظّ يقضي بعدم التعامل المباشر مع كيان العدوّ الصهيوني.

وأعتبرت الحملتان أن المصادقة على هذه الإتفاقية، “دون إدراج أيّ تحفظات أو إتخاذ أيّة تدابير إحتياطية لمنع التواصل المباشر بين ممثّلي الدولة التونسية وممثّلي كيان العدوّ سيعني ببساطة تشريعًا للتطبيع مع هذا الكيان”.

وفي مايلي النص الكامل للبيان :

لا للتوقيع على بروتوكول مدريد لحماية السواحل ورفضًا لشعبويّة المساندين له !

تونس في 03 جوان 2020

تتابع الحملة التونسية لمقاطعة ومناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني والحملة التونسية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية بقلق واستنكار حملة التهجّمات المشينة التي أطلقها بعض النوّاب (على سبيل الذكر لا الحصر: ألفة رامبورغ ترّاس وياسين العيّاري) ضدّ النوّاب الذي رفضوا أمس، خلال جلسة لمجلس نوّاب الشعب، المرور الى التصويت على مشروع القانون الأساسي عدد 2020/007 المتعلّق بالموافقة على انضمام تونس إلى البروتوكول بشأن الإدارة المتكاملة للمناطق الساحلية بالمتوسط، قبل إدراج تحفّظ على الاتفاقية يقضي بعدم التعامل المباشر مع الكيان الصهيوني.

اذ ترفض الحملتان الاتهامات بالشعبويّة الموجّهة من المساندين لمشرع القانون الأساسي وتعتبر أنّ مواقفهم هذه تعبّر عن شعبويّةٍ متأصّلة فيهم، يحاولون من خلالها التغطية على حقيقة مواقفهم المساندة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، أو تكشف في أفضل الأحوال عن جهلهم بمحتوى البروتوكول الذين يضغطون من أجل المصادقة عليه. كما تنمّ عن جهلهم بالفرق البيّن بين الانخراط في هيئات أمميّة أو المصادقة على اتفاقيات دوليّة لا تُلزم أعضاءها بالتواصل المباشر مع الدول المعادية، وبين هذا النوع من الاتفاقيات المندرجة فيما يُسمّى بـ”الشراكة الأورومتوسّطية”. وهي الشراكة الملغومة، التي أقحم نظام بن علي تونس فيها من خلال المصادقة – دون تحفظات – على “إعلان برشلونة” منتصف التسعينات، ومثّلت غطاءً لمسار ادماج الكيان الصهيوني في المنطقة والتطبيع العربيّ معه تحت شعارات “التعاون الاقتصادي والحوار والسلام” الزائفة التي تروّج لها القوى الأوروبية الاستعماريّة. ويُذكر أنّ الحملة الفلسطينية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية تتبنّى نفس الموقف السلبي من هذه الشراكة بسبب مضمونها التطبيعي الواضح.

وبالاطّلاع على محتوى هذا البروتوكول، يتبيّن لنا بوضوح أنّ الأمر لا يتعلّق بالمصادقة على اتفاقية اعلان مبادئ، بل يتعدّاه إلى السعي لتأسيس مركزٍ للأنشطة الإقليمية المشتركة (الفصل 2) وكذلك منظّمة تمثل “إطارًا إقليميا مشتركًا للتصرّف المتكامل في المناطق الساحلية بالمتوسط” (الفصل 2 و17). وهو ما سيعني ضرورة تواجد الدولة التونسية، وباقي الدول العربية الموقّعة، في إطار إقليميّ (وليس أُمميّ كما يزعم بعض مساندي المصادقة على البروتوكول) واحد مع كيان الاستعمار الصهيوني لفلسطين المحتلّة. وهو الأمر الذي تؤكّده عديد فصول الاتفاقيّة. اذ تفرض على الدول المصادِقة أن تتعامل مع بعضها مباشرة تحت مسمّيات “التعاون وتبادل المعلومات والمساندة العلمية والتقنيّة” أو “الأنشطة ذات المصلحة المشتركة” كما تنصّ على ذلك الفصول 17، والفصول من 25 الى 29 المنضوية تحت الجزء الخامس من الاتفاقية بعنوان “التعاون الدولي”، وكذلك جُلّ فصول الجزء السادس بعنوان “أحكام مؤسّساتية” الذي يفرض على الدول الأعضاء حضور الاجتماعات دوريّة مشتركة والتشاور ووضع الخطط المشتركة و”التعاون العابر للحدود”.

انّنا نعتبر أنّ المصادقة على هذه الاتفاقية، دون ادراج أيّ تحفظات أو اتخاذ أيّة تدابير احتياطية لمنع التواصل المباشر بين ممثّلي الدولة التونسية وممثّلي كيان العدوّ، سيعني ببساطة تشريعًا للتطبيع مع هذا الكيان (وللتذكير فإنّ التطبيع هو كلّ علاقة أو قانون أو اجراء يؤدّي أو يساعد في التعامل مع كيان العدوّ كما لو كان دولة طبيعيّة). بل وسيعني كذلك اعترافًا مباشرًا بشرعيّة احتلال “إسرائيل” لأرض فلسطين وتكريسًا لتصرّفها غير المشروع في الساحل الفلسطيني المطلّ على البحر المتوسّط. وحتى “السلطة الفلسطينيّة”، التي عادة ما يقدّمها المطبّعون كذريعة لتبريرأفعالهم، ليست معنيّة بهذا البروتوكول وغير ممضية عليه، بالرغم من اطلالها على المتوسّط من خلال قطاع غزّة.

ولذلك، فإنّنا نساند بقوّة طلب النوّاب المعترضين ادراج التحفّظ أسوة بما وقع القيام به خلال مصادقة البرلمان السنة الماضية على وثائق المؤتمر الخامس والعشرين للاتحاد البريدي العالمي. كما نشدّ على أيديهم ليواصلوا التمسّك بالموقف الوطنيّ الشريف، ونشجّعهم على العمل من أجل سنّ قانون يجرّم كافة أشكال التطبيع مع الكيان الصهيوني. وهو القانون الذي مثّل مطلبًا رئيسيا لأحرار شعبنا وقواه الوطنيّة منذ سنوات.

ويهمّنا من جهة أخرى أن نقول للنوّاب والأحزاب التي تدّعي دعمها لفلسطين “بالفعل لا بالقول”، أنّ الدعم الحقيقي والفعلي الذي يطلبه الفلسطينيّون أنفسهم من الدول العربيّة، وعلى رأسهم اللجنة الوطنية الفلسطينيّة للمقاطعة، التي تقود الحملة العالمية لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها ومعاقبتها (بي دي آس)، يتمثّل تحديدا في مقاطعة كيان العدوّ وتجريم التطبيع معه.

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !