فيديو | رغم تطمينات الحكومة : شكيب نويرة يستغلّ “الكورونا” ليطرد 126 عاملًا/ة من شركته “آم آف سي”… فيردّون بالاعتصام

نضالات اجتماعية – عمّالية – تونس الكبرى

رغم التطمينات المتكرّرة للحكومة وتبريراتها للقروض الخارجية وللمساعدات المقدّمة لرؤوس الأموال بـ”ضرورة الحفاظ على مواطن الشغل”، ورغم تأكيد وزير التشغيل على “عدم جواز طرد العمّال”، لم يتردّد شكيب نويرة، المالك الرئيسي لمجمع “الشركة التونسية الفرنسية للتجارة الخارجية” TFCE في طرد 126 عاملا وعاملة خلال شهر رمضان وفي عزّ أزمة انتشار وباء كورونا. الأمر الذي دفع بالعمّال الى الاعتصام بمقرّ الشركة، ابتداءً من يوم أمس الخميس، للمطالبة بإعادتهم الى الشغل ونيل كامل حقوقهم القانونية والمشروعة.

ويتعلّق الأمر تحديدا بـ”شركة المرسى لملابس الموضة” MARSA FASHION COMPANY ،(MFC) الواقعة بالمنطقة الصناعية سيدي داود بالمرسى. وحسب المعلومات المتوفرة، فقد تمّ تأسيس هذه الشركة المختصّة في صناعة النسيج سنة 1998.

مدير الشركة خدعنا وغدرَ بنا

يقول العمّال الذين التقيناهم أمس بمقرّ الشركة أنّ نافع النيفر، مدير الشركة، استدعاهم يوم 6 فيفري وأعلمهم بأنّه نظرا لتراجع الطلبات من الخارج فسيتمّ تسريح عدد منهم وتصفية الشركة المفلسة. وفي جلسة صلحية عقدت في 20 فيفري المنقضي باشراف كمال سعودي، المعتمد الأول لولاية تونس، عرض النيفر نقلهم الى مصنع آخر تابع لنفس مجمع الشركات بقصر السعيد بولاية منّوبة. وقد وافق العمّال على ذلك، لكن طلبوا بالمقابل باحترام القانون وأن يتمّ خلاص المساهمات الاجتماعية المتخلّدة منذ سنة كاملة وتوفير النقل الى الموقع الجديد.

الاّ أنّ الشركة لم تنفّذ التزامها القاضي بدفع المساهمات الاجتماعية المتخلّدة بذمّتها، كما ذكرت العاملة بسمة القرقوري (منذ 18 عامًا ومرسّمة). اثر ذلك طلبت الشركة عقد جلسة بتفقدية الشغل بتاريخ 6 مارس، لكن “لم يتمّ اعلام الاتحاد الجهوي للشغل بتونس ممّا اضطرّني لرفض عقد الجلسة”، كما ذكر لنا شكري بن عمارة كاتب عام النقابة الأساسية بالشركة. والذي أكّد أنّه أُعلِم بدوره عشيّة الاجتماع، و”هو أمر مخالف للقانون الذي يفترض اعلامي قبل 24 ساعة”.

ولم تنتظر الشركة عقد جلسة جديدة والوصل الى اتفاق نهائي مع العمّال. اذ علّقت الإدارة يوم 13 مارس بلاغًا طلبت فيه من العمّال الموافقين على النُقلة والإندماج بشركتيْ TF PROD و TOP FASHION اعلامها بذلك. وقال العمّال أنّهم وقّعوا يوم 19 مارس على وثيقة أعدّتها الادارة تقضي بالعمل بنظام الحصّة الواحدة، تنفيذا للاجراءات الوقائية التي اتخذتها الحكومة.

في الأثناء دخلت البلاد في الحجر الصحّي العام ابتداءً من 22 مارس. ويُذكر أنّ الحجر العام لم يستثنِ قطاع النسيج – لا سيما غير المختصّ في صناعة الكمامات الطبية – من الصناعات المشمولة بالحجر. وهو الأمر الذي دفع العمّال الى البقاء ببيوتهم حفظًا لصحّتهم وتطبيقًا لقرار الحكومة. الّا أنّ ذلك لم يمنع أصحاب الشركة من استغلال الظرف لتنفيذ ما يبدو أنّه خطّة مسبقة للتخلّص من العمّال الذين لم يعودوا بحاجة اليهم. اذ قامت الإدارة بمراسلتهم بتاريخ 10 أفريل، وأعلمتهم بأنّهم يُعتَبرون “في حالة تخلِّ عن العمل بداية من يوم 26 مارس” (أيْ اثر بداية الحجر العامّ). كما أعلمتهم في نفس المراسلة بأنّ “أصحاب الشركة قرّروا تصفيتها وتعيين مُصَفٍ على رأسها”.

“بنى مصانعه من لحمنا وعرقنا ثمّ رمانا كالكلاب”

يروي العمّال الذين التقيناهم أنّ أقلّهم عملاً بالشركة قضّى بها ستة سنوات، فيما يعمل فيها البعض منذ أكثر من عشرين سنة. وقالوا أنّ مجمع الشركات “ش.ت.ف. ت. خ.” TFCE الذي أسّسه شكيب نويرة سنة 2010 قد كان بفضل تضحياتهم في شركة MFC التي تأسست سنة 1998. وذكر محدّثونا كيف أنّهم يعملون تسع ساعات يوميا لخمسة أيّام ونصف أسبوعيا مقابل أجر متوسط لا يتعدّى الـ 500 د، ويحصلون على راحة يومية بنصف ساعة فقط. وشرح أحدهم أنّ ما يجري هو عملية “تحيّل قانوني” تسمح به الدولة. اذ أنّ أصحاب المجمَع يقومون بتدوير العمّال بين مختلف شركاتهم المختصة في نفس العمل، وهو صناعة مختلف أنواع الملابس، حسب حاجياتهم لقوّة العمل. وعندما ينقص الطلب من شركائهم الدوليين يقومون باعلان افلاس احدى شركاتهم، فيما تبقى الأخرى تعمل. وهو ما يضمن لهم التخلّص من مصاريف أجورهم بأخفّ الأثمان مقابل استمرار أرباحهم.

وذكر أحد العمّال أنّه سبق للشركة أن تحيّلت عليهم سابقا عندما كانوا يشتغلون بنظام الـ 48 ساعة. اذ لم يحصلوا على كامل مستحقاتهم، كما ذكّروا بأنّ الشركة لم تدفع مساهماتها في الصندوق الوطني للحماية الاجتماعية منذ سنة كاملة. وذكروا كذلك أنّهم لم يتحصلوا على أجرتهم لشهر أفريل ولم يحصلوا سوى على 200 د (المرصودة من الدولة) بالنسبة لشهر مارس. وذكر أحدهم كذلك أنّ إدارة الشركة تعمّدت خداع بعض العاملات الأمّيات وجعلتهنّ يوقّعن مقابل الحصول على الـ 200 د على ورقة تنصّ على تسوية كافة حساباتهنّ مع الشركة.

موقف اتحاد الشغل

وأمّا عن موقف الاتحاد العام التونسي للشغل، فقد صرّح لنا كاتب عام النقابة الأساسية للشركة بأنّهم اتصلوا بمحمّد علي البوغديري، الأمين العام المساعد المكلّف بالقطاع الخاصّ. وقد ساندهم في مطالبهم المشروعة، وهم الآن بانتظار أن تحدّد قيادة الاتحاد جلسة جديدة للقاء أصحاب الشركة والاتفاق معهم. بالمقابل، طالبت عمّال آخرون قيادة الاتحاد بالوقوف وقفة حازمة الى جانبهم وبشنّ “اضراب عامّ في القطاع الخاصّ”.

“الاعلام قاطعنا لأنّه تحت سيطرتهم”

وعن تغطية الاعلام لقضيتهم، قال العمّال أنّه لم تتصل بهم سوى اذاعة خاصة واحدة “راديو إي آف آم”. أمّا بقية الاعلام الخاصّ فقد رفضوا القدوم والحديث عنهم. ففيما تعلّلت قناة نسمة بضرورة الحصول على تراخيص، تجاهلتهم قناتي التاسعة والحوار التونسي “التي يحضر عندها نافع النيفر بشكل مستمرّ، فهو صديقهم”، أمّا الاعلامي بالقناة وباذاعة شمس آف آم حمزة البلّومي، فقد رفض الحديث عنهم متعلّلا بـ”أنّه لا يشتغل على مثل هذه القضايا”. وهو الأمر الذي كذبّه العمّال.

وقد وصف العمّال شكيب نويرة “رجل قويّ بالبلاد”، مذكّرين بأنّه يمتلك 15% من أسهم اذاعة شمس آف آم التي صادرتها الدولة اثر الثورة. ويُذكَر أنّ نويرة يُعدّ من أبرز البرجوازيين بالبلاد. فهو نجل الهادي نويرة، الوزير الأوّل الأسبق في عهد بورقيبة ومحافظ البنك المركزي التونسي في فترة السبعينات، وأحد أعمدة سياسة الخصخصة ولبرلة الاقتصاد التونسي. وقد بدأ شكيب نويرة مسيرته في سنّ 29 عامًا، اثر عودته من الدراسة بالولايات المتحدة الأمريكية، ليشغل مديرًا لإحدى البنوك العمومية، قبل أن يختاره المساهمون في “البنك الدولي العربي بتونس” مديرا للمؤسسة. اثر ذلك قرّر نويرة الاستثمار في قطاع النسيج والملابس المعَدّة كليًا للتصدير للأسواق الأوروبية وأسس المعهد العربي للمؤسسات، منافس اتحاد الصناعة والتجارة.

هذا وقد حاول موقع انحياز الاتصال بالمسؤولين عن الشركة للحصول على تعليقهم، بالرقم المنشور على موقعها، وكذلك بمديرها نافع النيفر. الاّ أنّه لم يتمّ الردّ على اتصالاتنا.

صور من اعتصام العمّال بمقرّ الشركة.


عمل مشترك من أعضاء فريق التحرير: حمزة ابراهيم، وجدي المسلّمي وغسان بن خليفة

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !