تقرير| التّطبيع الإقتصادي مع العدو الصّهيوني في تونس : العبرة المُستخلصة من قضيّة كيتر ـــ إينوبلاست

نُشر هذا التقرير على موقع الحملة التونسية للمقاطعة الأكاديمية والثقافية لإسرائيل.

في الفاتح من فيفري 2020 نشر مواطن تونسي  بصفحته على الفيسبوك صورتي وصل استلام لرسالة مضمونة الوصول بعثتها الشّركة الإسرائيلية “كيتر بلاستيك المحدودة” (وعنوانها : 2 شارع سابير، المنطقة الصّناعيّة، هرتزليا، إسرائيل، 46852) إلى الشّركة التّونسية “إينوبلاست” (طريق ماطر، كيلومتر 7 ـــ 2010 منّوبة). وقد أثارت وثيقة البريد الإسرائيلي (المكتوبة بالعبريّة والحاملة لختم الشّركة التّونسيّة بينما كانت، كما اتّضح، في طريقها إلى تل أبيب) الذّهولَ والاستياءَ على شبكات التّواصل الاجتماعي.

هذا وإنّ رقم المتابعة (RA417614043IL) الظاهر على الوثيقة معروف لدى البريد الإسرائيلي حيث يشير الأخير في موقعه لالكتروني إلى أنّ الرّسالة وُجِّهت إلى تونس بتاريخ 22 جانفي 2020، كما أنّ رقم المتابعة الإسرائيلي ذاته معروف لدى البريد التّونسي الذي يشير في موقعه الالكتروني إلى أنّ الرّسالة وردت على مركز الفرز بتونس بتاريخ 27 جانفي 2020 على السّاعة 8 و 46 دقيقة، وأُرسلت في اليوم ذاته إلى نقطة المعالجة الموالية على السّاعة 11 و 52 دقيقة ثم إلى نقطة أخرى على السّاعة 22 و 6 دقائق.

تأسّست شركة إينوبلاست (Inoplast) سنة 1972 وهي تابة لمجموعة شركات “محسن الحشيشة” وتختصّ في التّشكيل بالكبس والقولبة للموادّ البلاستيكيّة من نوع PVC  و PE وفي صنع أثاث الحدائق.

وفي 4 فيفري 2020، نشرت إينوبلاست بيانا توضيحيّا تشير فيه إلى أنّها “أبرمت منذ 1994 اتّفاقات تجاريّة مع الشّركتين الفرنسيتين أللّيبير (Allibert) و  إيفوليتيف (Evolutif)؛ وبعد إفلاس الأخيرة، اشترت إينوبلاست القوالب التي كانت تكتريها منها والتزمت بتسديد المبلغ لشركة جاردين نيذرلاند (Jardin Netherlands) التي اشترت الشّركة الفرنسية المذكورة. وتضيف في بيانها أنّ الرّسالة صادرة عن أحد المساهمين والذي يقيم بداخل الكيان الصّهيوني ويتعلّق موضوعها بنزاع بين إينوبلاست و جاردين نيذرلاند حول القوالب” . وتقول الشّركة التّونسيّة في خاتمة بيانها ” إنّها لم تتعامل قط مع أيّ طرف في الكيان الصّهيوني وأنّها لن تتعامل أبدا مع الكيان الصّهيوني الغاصب”.

إنّ الحملة التّونسيّة للمقاطعة الأكاديميّة والثّقافيّة لإسرائيل (TACBI) تسّجل ما جاء من توضيحات في بيان إينوبلاست الذي يثير المزيد من المشكلات. فالنّزاعات التّجاريّة بين شركتين لا تستدعي أبدا تدخّل المساهمين. ولا يمكن أن يغيب عن أحدى كبريات مؤسّسات صناعة البلاستيك التّونسيّة أنّ شركتي “جاردين” و “أللّيبير” تابعتان لمجموعة “كيتير” (Keter) الإسرائيليّة منذ العام 1993بالنسبة للأولى، والعام 1997 بالنسبة للثّانية. وإنّنا نأمل أن تكون “إينوبلاست” صادقة في  التزامها بعدم التّعامل أبدا مع المجموعات الإسرائيليّة.

إنّ هذه القضيّة تتجاوز حالة إينوبلاست الخاصّة لتُثيرَ بوجه عام مشكلةَ التّطبيع الاقتصادي مع الكيان الصّهيوني وتقود إلى طرح أسئلة جديرة بتحليل معمّق.

التّطبيع التّاسيسي (أو في مستوى المؤسّسات)

من الواضح أن البريد التّونسي ينقل مراسلات بين تونس وإسرائيل؛ ويشير موقعه الإلكتروني إلى أنّ ثمن إرسالية بالبريد السّريع (Rapide Poste) زِنَتُها 500غرام، يبلغ 51 دينارا تونسيّا ويتمّ التّسليم بعد 4 أيّام. وقد علمنا عند كتابة هذا التّقرير أنّ الرّئيس المدير العام للبريد التّونسي أمر بفتح تحقيق مسار تلك الرّسالة مضمونة الوصول الواردة من إسرائيل. والمعلوم كذلك أنّ الدّيوانة التّونسيّة، بدورها، لم تعترض تلك الإرسالية.

إنّ الدّولة التّونسيّة بتغاضيها عن تنامي تطبيع شبه مستتر مع الدّولة الصّهيونيّة، إنّما تخرق دستور 2014 التّونسي والالتزامات التي يقرّها القانون الدّولي معًا.

لقد ظلّت نداءات الحملة التّونسيّة للمقاطعة الأكاديميّة والثّقافيّة لإسرائيل (TACBI)  المتعدّدة للممثّلين المنتخبين من قبل الشّعب التّونسي وللقضاء وللحكومة التّونسيّة دون إجابة فيما يتعلّق بالتّحقيق في مختلف قضايا التّطبيع التي كشفناها بمعية شركائنا في المجتمع المدني. غير أنّنا مرتاحون لالتزام منظّمات كثيرة من المجتمع المدني بمقاومة التّطبيع، وخاصّة منها الاتّحاد العام التّونسي للشّغل. وقد أبدت جميعها منتهى النّجاعة في مكافحة هذه الآفة.

قضيّة شركة “زيم” وبداية الكشف عن التّطبيع الاقتصادي.

علمنا في شهر جويلية 2018، أنّ السّفينة “كورنيليوس ــ أ” (Cornélius A) المُؤَجَّرة  لحساب شركة النّقل البحري الإسرائيليّة “زيم” (Zim) كان مُقرّرا أن ترسوَ بميناء رادس يوم 5 أوت 2018. وهذه السّفينة على ملك الشّركة التّركيّة “أركاس” (ARKAS) التي أبرمت مع زيم “اتّفاق تشارك في السّفن (accord de partage de navires). وكانت في ذلك التّاريخ تقوم برحلتها الثّانية عشرة  بين موانئ بلنسية والجزيرة الخضراء (إسبانيا) وبين رادس لحساب شركة “زيم”. ومن جهة أخرى وحسب معلومة كانت متاحة  في بداية شهر أوت على موقع “زيم” الإلكتروني على الويب ثمّ تمّ محوها بعد ذلك، فإنّ السّفينة “كورنيليوس ــ أ” كانت قد رست مرارا وبانتظام برادس فيما بين سبتمبر 2017 وجويلية 2018.

وتندرج رحلتها ضمن خطّ بحريّ منتظم لشركة “زيم” بين حيفا (وهو اليوم ميناء إسرائيليّ) وبين رادس، مرورا ببلنسية. وبينما تؤمّن “زيم” المرحلة الأولى من المسافة بين حيفا وبلنسيّة، فإنّها توكِلُ إنجاز المرحلة الثّانية بين بلنسية ورادس إلى سفينة تحمل العلم التّركي. وقد أدّى الكشف عن تلك المعلومات إلى تعبئة وطنيّة أطّرها الاتّحاد العام التّونسيّ للشّغل وحيّتها بامتنان النّقابات الفلسطينيّة الرّئيسيّة. وكانت نتيجتها في النّهاية إجهاض محاولتين من السّفينة “كورنيليوس ــ أ” للرّسوّ بميناء رادس واضطرار شركة “زيم” إلى تعليق نشاطاتها في هذا الميناء لفترة غير معلومة.

لم تكن شركة النّقل البحري “زيم” لِتَفتَحَ خطّا بحريّا بين مينائي حيفا ورادس لو لم يكن هناك مبادلات تجاريّة بين إسرائيل وتونس. ويتمثّل المشكل في الوصول إلى كشف الشّركات التّونسيّة الضّالعة في هذا الاتّجار اللاّ أخلاقي وغير القانوني. ويستلزم ذلك فهما جيّدا لهيكلية كبرى المؤسّسات الإسرائيلية التي لها مصالح ممكنة في تونس. فقد طوّرت تلك المؤسّسات منذ قرابة عشر سنوات استراتيجية جديدة لِمواجهة الحملات ذات الأهداف المحدّدة للحركة العالميّة لمقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وتسليط العقوبات عليها (BDS).

وتتمثّل في بيع غالبية أسهمها لمجموعات وصناديق أجنبيّة، مع الاحتفاظ بجزء من رأس المال واشتراط أن تبقى وحدات الإنتاج ونشاطات البحوث والتّطوير مستقرّة في إسرائيل. وتهدف هذه الإستراتيجية التي تطبّقها شركات “كيتر” (Keter) و “نيتافيم” (Netafim) و “زيرائيم” (Zeraïm) و “حازيرا” (Hazera)  إلى الاحتفاظ بالسّيطرة على مجموعة ما وعلى مهاراتها و براءات الاختراع والاحتماء في الوقت ذاته من المقاطعة تحت غطاء كونها شركة متعدّدة الجنسيّات.

وفي هذا التّقرير سنتناول بالتّحليل حالتي “كيتر” و “نيتافيم”

“كيتر” للصناعات البلاستيكية (Keter)

مجموعة كيتر (Keter)  الاسرائيليّة تصنّع وتوزّع موادّ مُعدّة للاستهلاك المنزلي وأثاثا للحدائق من مادّة الرّاتنج الصّناعي. وقد تأسّست في حيفا سنة 1948 ـــ وهي سنة النّكبة، ـــ وتمتلك سلسلة محلاّت بيع بالتّفصيل في إسرائيل ولها 29 معملا في إسرائيل وأوروبا والولايات المتّحدة. وبحسب تقرير نشره الفرع الفرنسي لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وتسليط العقوبات عليها (BDS-France)  سنة 2011، فإن مجموعة كيتر تمتلك معملين في مستعمرة “بركان” الاستيطانية وهما :

معمل (Lipski) تحت اسم KD Design ومعمل المؤسّسة الأمّ كيتر بلاستيكس المحدودة (Keter Plastics Ltd). وللعلم فإنّ المستعمرة غير القانونيّة المذكورة مُقامة على أرض قرى فلسطينيّة هي سرطة وقراوة بني حسان وحارس التي انتزعتها إسرائيل سنة 1980؛ وتنتفع المجموعة من الغياب شبه التّام للرقابة على تطبيق قانون الشّغل، إذ أنّ حالات الميز بين الأجراء الفلسطينيين والإسرائيليين سواء فيما يتعلّق بالأجور أو ظروف العمل أو الحقوق الاجتماعيّة. ويشغّل المعملان كيتر و ليبسكي قرابة 140 أجيرا، منهم  30% إسرائيليون ومهمّتهم التّأطير والإدارة، و 70% فلسطينيّون يشتغلون في مواقع تقنيات الإنتاج. ويتقاضى أغلب الفلسطينيّين ما بين 6 و 12 شيكلا في السّاعة وهو أقلّ بكثير من الأجر الأدنى الإسرائيلي المحدّد بـ ,   20,7 في السّاعة، أي ما يعادل 4,15 يورو. 

وقد صرّح عامل فلسطيني في معمل كيتر من سكّان قرية حارس “إنّ للعمّال الحقّ من حيث المبدأ في الحصول على مكافأة تعادل شهر عمل في نهاية السّنة، ولكننا، نحن الفلسطينيين، لا نتقاضى منها سوى النّصف خلافا لزملائنا الإسرائيليين”.

وقد نمت المجموعة وأصبحت عالميّة منذ قرابة الثّلاثين سنة بشرائها شركات أوروبيّة هامّة مثل أليبير وجاردين و كورفر.وفي سنة 2016 باع الأخوان سامي وإسحاق ساغول، مالكا كيتر 80% من الأسهم لصندوق الاستثمار ب. س. بارتنرز (BC Partners) بشرط الإبقاء على المعامل في إسرائيل.

نيتافيم Netafim

شركة نيتافيم مصنّفة كأكبر مصنّع في العالم لمنظومات الرّي قطرةً قطرة ولها الرّيادة في هذه التّكنولوجيا، وقد أُنْشِئتْ سنة 1965 في كيبوتز هاتزيريم الإسرائيلي. وحسب موقعها الإلكتروني تشغّلُ 4300 شخصا وتزوّد بالتّجهيزات والخدمات زبائن في أكثر من 110 بلدًا ومنها تونس، وتمثّل هذه المؤسّسة اليوم أهمّ استثمار أجنبي مُعلنًا عنه بأنّه إسرائيلي في العالم العربي.

وحسب ف. دي ماركتس (fDi Markets) وهي مصلحة المعطيات التّابعة لصحيفة “فايننشل تايمز” (Financial Times ) التي تراقب  الاستثمارات المستحدثة (1) العابرة للحدود في أنحاء العالم، فقد أنشأت نيتافيم، في العام 2017، فرعًا في المغرب قيمته 2,9 مليون دولار، ويؤمّن سبعة عشر موطن شغل.

كانت كيبوزتزات “هاتزيريم” و ” ماغال” و “يفتاخ” المالكة الوحيدة لشركة نيتافيم حتّى سنة 2006 قبل أن يبدؤوا في بيع حصص منها. وفي شهر فبراير 2018 باع المالكون 80% من أسهمهم لمجموعة ميكسيشيم (Mexichem) المكسيكية للمنتوجات البترولية مقابل مليار ونصف من الدّولارات. ويحتفظ كيبوتز “هاتزيريم” بــبقيّة الأسهم (20%). وينصّ الاتّفاق على أن يبقى مقرّ نيتافيم وما يتبعه كمركز النّشاط ومعامل الإنتاج الحاليّة ونشاطات البحث والتّطوير، في إسرائيل لِمدّة عشرين سنة على الأقلّ.

وحسب موقع كيبوتز “هاتزيريم” الإلكتروني،فإنّه قد أُنْشِئ في أكتوبر 1946 من قِبَلِ مجموعة كشّافة تزوفيم جيمل (Tzofim Gimel) ومهاجرين شبّان من إيران في صحراء النّقب بجوار مدينة بِئْر اَلسَّبْع الفلسطينيّة. وقد تلقّى جميع المستوطنين الشّبّان تأهيلا زراعيّا وعسكريّا على يد ميليشيا الهاغانا (Haganah) الصّهيونيّة للعمل ضمن لوائها المسمّى “البلماح” (Palmach).

وفي سنة 2018، أطلقت نيتافيم  منصّة “نت بيت” (NetBeat) المختصّة في الإدارة الذكيّة للرّيّ عن بعدن والتي تتيح للمزارعين مراقبة منظومات الرّي وتحليلها عن بعد من خلال منصّة في شكل دائرة مغلقة منتجة لاستراتيجيات ريّ يوميّة حسب الطّلب وتوفّر معطيات آنيّة. ويتمّ تسويقها كــ “أوّل منظومة ريّ مزوّدة بعقل”. وقد تمّ تطوير “عقل”  المنظومة على يد م برست (mPrest)، المزوّد العالمي المستقرّ في إسرائيل لِبرمجيات مراقبة البيانات الضّخمة (Big data) وتحليلها.

وقد كان أن طوّرت شركة  م برست سيستمز mPrest Systems (وهي فرع تمتلك نسبة (40%) منه الشّركة العسكريّة رافائيل أدفنست ديفنس سيستمز Rafael Advanced Defense Systems) برمجيّة تحكّم وتحليل لمنظومة الدّفاع الإسرائيليّة ضدّ الصّواريخ المعروفة بــ “القبّة الحديديّة”، ويُطلَقُ عليه غالبا “عقل القبّة”. والمنظومة المذكورة جهاز دفاع ضدّ الصّواريخ قصيرة المدى طوّرتها مؤسّسة “رافائيل” المذكورة بالاشتراك مع إلتا وم برست ونُشِرت على طول قطاع غزّة المحاصرة وفي هضبة الجولان السّورية المحتلّة. وتُعَدُّ برمجيّة التّحكّم والمراقبة للقبّة الحديدية  النتّاج المميّز لــ م برست وأصل القدر الأكبر من نجاحها التّجاري حسب كتيّبها الإشهاري  الذي جاء فيه :


“لقد غنمنا مواقعنا في سوق الدّفاع ذي المتطلّبات العالية، بعد أن طوّرنا بعض تطبيقات التّحكّم والمراقبة الأكثر تقدّما وتعقيدا في مجال الصّناعة، بما في ذلك البرمجيّة المتحكّمة في منظومة الدّفاع ضدّ الصّواريخ “القبّة الحديديّة” الشّهيرة عالميّا. وسرعان ما انتبهنا لأنّ هذه التّكنولوجيا هي ما تحتاجها أسواق “إنترنت الأشياء الصّناعي” (IIoT – Internet industriel des objets) من أجل التحويل الرّقمي. وحلال العشرية الأخيرة ركّزنا على تحويل إمكانات IIoT الدّفاعية الذّكية حسب الطّلب إلى تطبيقات تجارية (2).

وفعلا، فإنّ “نت بيت” (NetBeat) هي إحدى تلك التّطبيقات التّجارية.

هناك صانع عالمي  آخر لتجهيزات الرّيّ قطرة قطرة : ريفوليس إرّيقيشن (Rivulis Irrigation) واسمه القديم “جون دير واتر (John Deere Water) واشتهر بقِرَابِهِ الزّراعي (sa gaine agricole) من نوع ” T-Tape “. وقد بيعت الشّركةُ لصندوق الاستثمار الإسرائيلي FIMI Opportunity Funds، سنة 2014.

وحسب الموقع الإلكتروني لشركة إينوبلاست (Inoplast) تبيع الأخيرة منظومة ريّ بقطّارات (goutteurs) مندمجة تتركّب من أنبوب  PE  به تلك القطّارات وهي في مرحلة التّشكيل (3). ولا تشير الشّركة إلى مصدر تلك المنظومة ولا إلى صانعها. ومن الصّعب التّصديق بأنّ ذلك المنتج مُطوّرٌ بكلّ أجزائه من قِبَلِ إينوبلاست نظرا إلى المواصفات التّقنيّة (4) التي تذكّر بمنظومات نيتافيم، وخاصّة بمطابقتها لصنف A لمقياس ISO 9261.

وتشرح نيتافيم في وثيقة تهدف إلى توضيح مقاييس  ISO في مجال الرّيّ قطرة قطرة، قائلة : “إنّ مقياس ISO 9261 يشتمل على صنفين A و  B ، وإنّ هناك شركةً وحيدة في العالم تنتج قطّارات تمتثل لمتطلّبات الصّنف A، وهي نيتافيم. وبضغط من الصّانعين الآخرين الذين يأملون الانتفاع لمنتجاتهم بحذف تلك المتطلّبات الصّعبة، قرّرت هيئة ISO دمج الصّنفين في صنف وسط. وهناك من منافسي نيتافيم من حصل على شهادة ISO 9261  الجديدة لبعض منتجاتهم، ولكن لا أحد منهم بوسعه الانتفاع بها لكلّ تلك المنتجات”.

وجاء في تقرير لوزارة الفلاحة والموارد المائية والصّيد البحري بتونس، بتاريخ نوفمبر 2015، عنوانه “دراسة تقويمية للبرنامج الوطني لاقتصاد الماء في الرّيّ” أنّ ” أكثر بقليل من نصف المزوّدين (التّونسيين) ، يلجأون إلى الاستيراد المباشر لتجهيزات اقتصاد الماء من خلال خدمات وُسطاء عبور” وأنّ “الأنابيب هي من الإنتاج المحلّي، بينما المحرّكات والأجزاء المُلحقة مستوردة (إسبانيا، فرنسا، إيطاليا، الهند، الولايات المتّحدة) وذلك نظرا لاعتبارات الوثوقيّة والنّوعيّة”.

ندعو، إذن، “إينوبلاست” إلى أن تبيّن سريعا وبمنتهى الوضوح مصادر عناصر منظومتها للرّي المستعملة للقطّارات المندمجة.

إنّ من النّادر أن يكون لصغار المزارعين التّونسيين القدرة على الانتفاع بالتّكنولوجيات التي تطوّرها نيتافيم، بينما أصحاب المشاريع الزّراعية الكبيرة  يتهافتون عليها. ويبدو أنّ نيتافيم تسيطر على قسط هامّ من سوق الرّيّ في تونس وهو ما يطرح مشكلا  عويصا بخصوص الأمن الغذائي، فضلا عن المشكل القانوني والأخلاقي لتلك التّجارة. فهل بوسعنا أن نثق في شركة تتبع دولة مستعمرة وعنصرية مثل إسرائيل لتسهر على تطوير زراعتنا ؟ وما هو مآل المعلومات التي تجمعها نيتافيم عن إنتاجنا الزّراعي عبر “منظومتها للرّي NetBeatالمجهّزة بـ عقل” ؟ وهل يجب التّذكير بأنّ الحكومة الإسرائيلية التي تفرض منذ 13 سنة حصارا لا إنسانيا على غزّة، تحتسب العدد الأدنى من السّعرات الحراريّة الضّرورية التي تكفل عدم سقوط سكّانها القطاع تحت الحدّ الرّسميّ لسوء التّغذية؟  ويتمّ ترجمة ذلك العدد إلى عدد من حمولات سيّارات الشّحن، ويتمّ إنقاص ذلك العدد مكيافيليّا باحتساب الغذاء المنتج في غزّة، ثمّ باعتبار “الثّقافة أهل غزّة وتجربتهم”.

سوف تنكبّ الحملة التّونسيّة للمقاطعة الأكاديمية والثّقافية لإسرائيل على مشكل التّسلّل الصّهيوني إلى سوق الفلاحة التّونسيّة؛ وإنّنا نتّجه بنداء إلى كلّ المنتجين الزّراعيين والمورّدين والمصدّرين للمنتجات الزراعية بقطع أيّ صلة بشركات الكيان الصّهيوني مثل “نيتافيم” و “ريفوليس” و هازيرا” و “زيرائيم”

“لم يدخل العدو من حدودنا … وإنما تسرب كالنمل … من عيوبنا”

الحملة التّونسيّة للمقاطعة الأكاديمية والثّقافية لإسرائيل (TACBI)

—————-

(1) الاستثمار المستحدث اسم يدلّ على مؤسّسة تنطلق نشاطاتها من الصّفر في بلد أجنبي.

(2) أنظر تقرير المنظمة غير الحكومية الإسرائيلية WhoProfit : s « Agribusiness as Usual Agricultural Technology and the Israeli Occupation المنشور في جانفي 2020.

(3)تمّ الاطّلاع على المعلومة يوم 4 فيفري 2020، واحتفظ بها على موقع WebArchive

(4) تم تجهيز آلة التنقيط بمرشحين داخليين يقللان إلى حد كبير من خطر الانسداد ويضمنان إفراغ الأنابيب في نهاية دورة الري.

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !