فيديو | أهالي الهوايدية يُقاضون صاحب المقطع ويُحمّلون والي جندوبة “تبعات تواطئه”

خاصّ – نضالات اجتماعية – نضالات فلاحية – ولاية جندوبة – وجدي المسلّمي

قرّر أهالي الهوايدية، المعتصمين منذ 20 يومًا “من أجل الحقّ في الحياة” وقف “أيّ تعامل مع السلطات المحلّية والجهوية بولاية جندوبة اثر استنفادهم كلّ الوسائل القانونية والادارية ووقوفهم على عدم جدّية المسؤولين الجهويين وتواطئهم مع صاحب المقطع الذي يهدّد حياتهم”.

يأتي هذا الموقف نتيجة لتفاجئ أهالي الهوايدية والجمعيات المتضامنة معهم بما صدر عن على المرموري، والي جندوبة، الذي بادر أمس الجمعة الى التهجّم على مروان الهوايدي، ممثّل الأهالي المعتصيمن، وطرده منذ بداية جلسة الحوار حول قضيّتهم.


وقد حصل ذلك بعد أنّ توجه أهالي دُوّار الهوايدية المعتصمين منذ 20 يوما وعدد من نشطاء المجتمع المدني المتضامنين معهم صباح أمس إلى المحكمة الابتدائية بجندوبة، حيث رفعوا قضية جزائية ضد الشركة المستغلة للمقطع و”ضد كل السلطات المتورطة في حقهم”، أودعها المحامي رياض بن حميدة، بمعيّة الأستاذ قيس المحسني، بتكليف من الأهالي. ومن هناك تحوّل الأهالي والمتضامنون نحو مقرّ ولاية جندوبة في مسيرة صامتة للمطالبة بلقاء الوالي لعرض قضيتهم بشكل مباشر ومطالبته بالاغلاق النهائي للمقطع. علمًا وأنّه سبق لهم تقديم طلب رسمي للقاء منذ الثلاثاء الماضي ولم يتلقّوا ردًا بشأنه.

وعلى إثر اعلامهم بغياب الوالي والمعتمد الأوّل، رفض المعتصمون المغادرة أو قبول إقتراح المسؤولين مقابلة الكاتب العام للولاية، الذي كان يرفض الردّ على مكالماتهم في الفترة الأخيرة، وتشبثوا بعقد لقاء مباشر مع الوالي. اثر ذلك استجاب الأخير لطلب اللقاء مشترطًا الاقتصار على شخصين يمثّلان الأهالي والمجتمع المدني. ورغم استهجان الحاضرين لهذا الشرط، شكّلوا وفدًا ممثّلا من مروان الهوايدي، الناطق الرسمي باسم الأهالي المعتصمين، وغسّان بن خليفة (رئيس جمعية الورشة الاقتصادية والاجتماعية ومنسق تحرير موقع انحياز).

الاّ أنّ الوفد تفاجأ لحظات قبل بداية الاجتماع بشرط جديد، أبلغهم ايّاه بديع الرزقي، مدير الشؤون السياسية بالولاية، متمثّلا في “اشتراط الوالي أن يكون الشخصين من أبناء المنطقة”. وبعد احتجاج عضويْ الوفد على هذا الشرط المجحف والتمييزي وغير المبرّر، قرّرا سدًا للذرائع أن يتمّ تعويض ممثّل المجتمع المدني بممثّل اضافي عن الأهالي المعتصمين.

بيْد أنّ الأمر لم يقف عند هذا الحدّ. اذ ذُهِلَ ممثلّو الأهالي بالموقف المتشنّج للوالي الذي بادر الى “التهجّم” على مروان الهوايدي، ممثّل المعتصمين، منذ بداية اللقاء. اذ صرّح مروان الهوايدي أنّه اثر تعبيره عن “لوم الأهالي للسلطات حول طريقة ادارتها للملفّ”، قاطعه الوالي صائحًا: “جاي باش تلومني وتحاسبني؟ اخرج عليّ انت مكش متربّي!” وهو ما استدعى خروج مروان الهوايدي اثر طرده الواضح واستحالة بقائه لمواصلة اللقاء، كما أوضح لنا.

أمّا يوسف الهوايدي، الذي تمّ استبقاؤه من الوالي، فقد عبّر إثر نهاية اللقاء عن إستيائه من التعاطي غير المسؤول من قبل المسؤولين الجهويّين مع ملفهم على الرغم من خطورة الوضعية الحالية المهددة لمصير وحياة المتساكنين. وعبّر كذلك عن إستغرابه الشديد من عدم المام الوالي بمعطيات الملفّ رغم ما حظي به من تغطية اعلامية محترمة، ومن مقترحه بإرسال لجنة من ممثلين عن الإتحاد الجهوي للشغل بطبرقة وعن إتحاد الصناعة والتجارة وإتحاد الفلاحة وادارة المنابت وغيرها من الأطراف غير ذات صلة مباشرة بالموضوع. اذ اعتبره مقترحًا غير جديّ “ومن قبيل الضحك على الذقون”، وفق تعبيره. اذ كان من المفترض أن يبادر الوالي الى ممارسة صلاحياته القانونية والدستورية وجمع اللجنة الجهوية المشرفة على المقاطع والاستماع الى تقارير الهيئات المكوّنة لها واصدار قراره بالاغلاق النهائي للمقطع، لما يمثّله من خطورة على حياة الأهالي ومن تهديد للاستقرار والسلم الاجتماعي بالمنطقة.

و بناء على ما حصل، واثر التشاور مع الأهالي الحاضرين ومسانديهم، أعلن مروان الهوايدي، الناطق الرسمي باسم المعتصمين، من أمام مقرّ الولاية “وقف كل اتصال بالسلطات الجهوية اثر استنفادهم كل الوسائل الادارية والرسمية، وتحميل الوالي مسؤولية تبعات هذا الموقف”، وفق تعبيره. هذا وأكّد الأهالي عزمهم “مواصلة النضال من أجل تحقيق مطلبهم بالاغلاق النهائي للمقطع والتعويض عن الأضرار”.

من جهتهم عبّر ممثّلو الجمعيات الحاضرة والمتضامنة مع الأهالي (الورشة الإعلامية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية المشرفة على موقع إنحياز، المرصد التونسي للمياه/ “نوماد 08″، الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان فرع جندوبة ، جمعية المليون ريفية والمنتدى التونسي للحقوق الإقتصادية والإجتماعية ) عن استنكارهم لموقف والي جندوبة، وعبّروا عن استمرار مساندتهم للأهالي المعتصمين في نضالهم المشروع.

وعلى ما يبدو فإنّ الوالي علي المرموري متعوّد على مثل هذه السلوكات حتّى مع المسؤولين المحلّيين، كما راج قبل فترة عن طرده معتمد عين دراهم من جلسة رسمية اثر تباين في وجهات النظر.

يُذكر أنّ أهالي الهوايدية يعتصمون منذ 23 ديسمبر الفارط للمطالبة بالاغلاق النهائي لمقطع الحجارة الواقع بظهر الجبل الذي يعيشون به. وذلك بعد أن تسبّب في تلويث عين الماء التي يشربون منها (خاصة وأنّ القرية غير مربوطة بالشبكة العمومية للماء) وفي تسميم فلاحتهم بالغبار وفي تصديع بيوتهم وفي امكانية سقوط الجبل على البيوت.

للمزيد من التفاصيل، يمكنكم الاطلاع على التحقيق الميداني الذي أنجزناه في موقع انحياز.


أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !