كاباس 2017 : تدهور صحّة عدد من الأساتذة المُضربين في ظلّ تملّص وزارة التربية من مسؤوليتها

 

محمّد علي شعبان*

 

دخل عدد من الأساتذة الناجحين في مناظرة كاباس 2017 في اضراب جوع مفتوح بمعظم المندوبيات الجهوية في كامل تراب الجمهورية منذ يوم الجمعة الماضي، على اثر عدم استجابة سلطة الاشراف لمطالبهم المتمثّلة في إسناد صفة أستاذ تعليم ثانوي (أستاذ متربّص) بدلًا عن صفة عون متعاقد.

نخبة تونس في اضراب جوع …الأستاذة المضربة عن الطعام هيام الطاهري، الأولى وطنياً اختصاص إنجليزية:”صحتنا مهمة ولكن كرامتنا هي أكثر أهمية بالنسبة لنا”.

ويأتي ذلك بعد أن جرّب الناجحون كافّة أشكال الحوار السلمي والحضاري لمدة 6 أشهر تقريبا، ولكن عبثا. وقد وصل عدد المضربين عن الطعام إلى 73 شخص من بينهم 21 في حالة حرجة، وفقا لآخر المعطيات.

وعبّرت التنسيقية الوطنية للاساتذة الناجحين في مناظرة الكاباس 2017 عن استنكارها لما وصفته بـ”سياسة الاسقاط والتعسف الاداري لوزارة التربية”، مع الاصرار على المواصلة في الاعتصامات المفتوحة والمطالبة بتطبيق القانون، المتمثّل في الانتداب الآني والتكوين المستمر. وذلك على اثر التهديدات الصادرة عن وزارة التربية بإمكانية حرمان اساتذة كاباس 2017 من التكوين والانتداب في حالة عدم الترسيم على صيغته الحالية.
كما أعلن أساتذة كاباس 2017 عن تحميلهم رئاسة الحكومة ووزارة التربية المسؤولية الكاملة لما يمكن أن تؤول إليه الحالة الصحية لزملائهم المضربين عن الطعام في سائر المندوبيات الجهوية للتربية.

وتتواصل المظلمة…

التملص من المسؤولية: هروب من الواقع أم تمرّد عليه؟
وما هو أكثر غرابة من مظلمة الكاباس في حدّ ذاتها، تصريحات البعض من المسؤولين في وزارة التربية. إذ صرّح السيد منذر ذويب، مدير عام المرحلة الإعدادية والثانوية بوزارة التربية، بأنّ الوزارة قامت باصدار “البلاغ لنرى مدى تفاعل الاخوة”.  والمقصود بالإخوة هو أساتذة كاباس 2017. وعليه يتساءل البعض من الناجحين “هل نحن فئران تجارب للسلطة؟”. فمن المستغرب أن تمارس وزارة التربية سياسات المغالطة والتشويه مع نخبة البلاد في مجال التعليم. وإذا كان أهل الوزارة يختبرون المياه، فهذا يعني أن لديهم حلول. ولكن إذا كان الأمر كذلك، لماذا يصرّون على اختيار البدائل اللا إنسانية التي تؤثر سلباً على حياة 2356 أستاذ و 2356 أسرة؟

و في نفس السياق، اعترف وزير التربية حاتم بن سالم في حوار على موجات راديو ماد، يوم الأحد 4 مارس، بصعوبة التعاطي مع ملف الكاباس، ملمّحاً لعدم قانونية المقترح الحالي الذي اقترحته الوزارة، ومؤكداً على أن الوزارة بالمرصاد لأساتذة الكاباس. فماذا يعني ذلك بالنسبة لثقافة الحوار في تونس؟ وماذا عن التخلّي عن المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين؟ وماذا عن الجانب الإنساني، الجانب النفسي، والجانب المادي؟ فالتخلي عن المسؤولية وإلقاء اللوم على الآخرين شيء شائع في عصرنا، وبكل الوسائل اللازمة. فما هي الرسالة التي تبعث بها الوزارة إلى الشباب حول المسؤولية، التربية والتعليم؟ وكيف لأساتذة الكاباس القبول بمقترح لاقانوني مع العلم بأن الحدّ الأدنى من الاحترام والكرامة غير متوفرّين؟

 

                                                           بلاغ وزارة التربية

نقابة المتفقدين رافضة للتكوين…
هذا وقد حضر السيد عامر المنجة، الكاتب العام للفرع الجامعي للتعليم الثانوي، في وقفة دعم ومساندة للأساتذة المتحصّلين على كاباس 2017، يوم الأحد 4 مارس، بمقرّ المندوبية بصفاقس، صحبة السيد نبيل الحمروني، الكاتب العام المساعد للجامعة العامة للتعليم الثانوي، والسيد محمد عباس، عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل بصفاقس، من بين أشخاص آخرين.
إذ قام الفرع الجامعي للتعليم الثانوي بصفاقس والمكتب التنفيذي للاتحاد الجهوي للشغل والجامعة العامة للتعليم الثانوي بزيارة المعتصمين و المضربين عن الطعام للتعبير عن الدعم والمساندة لنضالهم في سبيل تحقيق مطالبهم المتمثلة في الشغل والحياة الكريمة. وقد صرّح السيّد عامر المنجة بما يلي: ” هناك حديث جدي لتقسيم الناجحين في الكاباس على خمسة دفعات بداية من سبتمبر 2019″.

ماذا بعد؟
عبّرت أرملة الشهيد محسن بن عاسي، فتحية التايب بن عاسي (استاذة تاريخ)، الأسبوع الماضي في قناة نسمة عن عدم قدرتها على الالتحاق بالمدارس العامة، اذ لم توفق في مناظرة الكاباس. وفي الحين ذاته يتعرّض الناجحون في الكاباس إلى التهميش والتنفير من قبل سلطة الاشراف.

في محاولة يائسة للعثور على بعض الإيجابية والتفاؤل في دولة تقتل الطموح، تمثّل موجة الاحتجاج الاجتماعي المتجسدة في اساتذة كاباس 2017 لمحة أمل لظهور جيل جديد من المناضلين لم تعهده البلاد التونسية منذ سنين طويلة.

(*): أستاذ ناجح بمناظرة الأهليّة للأستاذية (“الكاباس”) لسنة 2017

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *