كاباس 2017: درب التعليم العامّ في خضم النيوليبرالية المتوحشة في تونس 

 

 

محمّد علي شعبان*

على خلفية عدم وصول مفاوضاتهم مع وزارة التربية إلى اتفاق، دخلت مجموعة من الناجحين في مناظرة الكاباس لسنة 2017 في اعتصام مفتوح عشية يوم الجمعة 23 فيفري 2018 بمقر مندوبية التربية بالقيروان للمطالبة بتسوية وضعيتهم في الانتداب الفوري مع التكوين، مصرين على أهمية إيجاد حلول جذرية لمطالبهم المشروعة على حد تعبيرهم، عوضا عن القرارات المسقطة التي تتخذها وزارة التربية في حق 2356 أستاذ ناجح في مناظرة خارجية ترشح لها الألاف من خيرة شباب تونس من أصحاب الشهائد العليا.

 

                                                    “وما النصر الا صبر ساعة”

 

وقد ادّعت وزارة التربية في الأسابيع الأخيرة تبني مطالب ناجحي الكاباس والتي تتمثل في ضمان الانتداب الآني وإسناد تكوين  مدفوع الأجر لكافة الأساتذة الناجحين في المناظرة مع مباشرة العمل في السنة الدراسية 2018/2019  تحت صفة أستاذ متربص. إلّا أنّ وزارة التربية تراجعت، مرّة أخرى، عن قرارها ولتنقلب على مسارها وتقدم حلًا مهينًا لكرامة الأساتذة؛ ليس فقط في ما يخص اساتذة كاباس 2017، ولكن الأساتذة التونسيين بشكل عام .ويتمثل قرار الوزارة في تكوين نظري لمدة 3 أشهر (دون أجر أو صفة)، وتكوين تطبيقي (بصفة عون متعاقد أو وقتي)، ومنحة تشغيل (اعتماد آلية كرامة، 400د)، مع الانتداب بداية من 2019 .السؤال الذي يطرح نفسه في هذه الحالة: ماهي غاية وزارة التربية في ممارسة سياسات تدعو بطريقة أو بأخرى إلى التقليل من شأن الأساتذة التونسيين في الوظيفة العمومية؟

شباب كاباس 2017: “نحن لسنا بمشكلة، نحن الحل.  

أجمع معظم الأحزاب السياسية، نواب مجلس الشعب وأعضاء لجنة الشباب والشؤون الثقافية والتربية والبحث العلمي، عدد من اساتذة التعليم الثانوي والمتفقدون، والمنظمات الوطنية والحقوقية على مساندة قضية كاباس 2017. فلماذا تصرّ وزارة التربية على حرمان هؤلاء من صفة الأستاذ؟ يبدو أنّ الوعود الكاذبة لوزارة التربية والحقيقة المحبطة يشيران إلى انعدام مبدأ استمرارية الدولة. فقد تغيرت المواقف الوزارية مراراً وتكراراً، ممّا يدلُّ على اضطرابات داخلية غير مسؤولة يتحمّل عواقبها المواطن التونسي، والمربّي التونسي على وجه التحديد.

مقال ذي علاقة: الناجحون في كاباس 17 يتّهمون الحكومة بـ”التحيّل” ويطالبون بالانتداب

ولكن يبدو أن الوضع الحالي ليس من قبيل الصدفة، فسياسة المماطلة ناتجة عن سياسة التقشف. وسيكون من الإنصاف القول بأن الغاية منها تنفير الاستاذ في القطاع العامّ. هذا يمثل نقطة التحوّل من التعليم الانتاجي الى التعليم الاستهلاكي. وبذلك يُعتبر الأساتذة في تونس مجرّد أدوات لسدّ الشغورات، لا لضمان جودة التعليم. وتمثّل القرارات الارتجالية لوزارة التربية أكبر دليل على الفرق الرئيسي بين الواقعية و اليوتوبيا الخطابية، و يعكس ذلك الإزدواجية في الخطاب السياسي للوزير المعني بالأمر. وبالتالي، فإنّ الوضع الراهن في تونس لا يرجع فقط إلى أزمة اقتصادية بل إلى أزمة أخلاقية أيضا.

 

تُعتبر مظلمة كاباس 2017 بمثابة «مكالمة إيقاظ» إلى الشباب التونسي الذين يعيشون في حالة ركود كخرّيجين جامعيّين عاطلين عن العمل، فماذا عن خصخصة التعليم؟ نحن في أمَّس الحاجة لوقف تعويم القضايا الحقيقية في تونس. لذلك نحن بحاجة إلى مواجهة قضايانا، حتى نتمكن من المضيّ قُدُمًا .فهل يموت شباب تونس لتحيى الخصخصة؟ أم يعيش يعيش شباب بلاد أبو القاسم الشابي ويحيى الوطن؟

 

كاباس 2017 بالارقام:

  • 2356 أستاذ ناجح من جملة 114.000 اجتازوا المناظرة
  • 25 تحرك وطني
  • 15 تحرك جهوي
  • مقاطعة الترسيم بنسبة 97% لفضّ الشراكة بين وزارة التربية ووزارة التعليم العالي

 

(*): أستاذ ناجح بمناظرة الأهليّة للأستاذية (“الكاباس”) لسنة 2017

 

 

 

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *