“سيّب القائمة”: حملة جديدة لعائلات شهداء الثورة طلبًا للمحاسبة وكشف الحقيقة

مريم البريبري

أطلقت عائلات شهداء وجرحى انتفاضة 17 ديسمبر مؤخّرًا حملة ” سيّب القائمة “. وهي حملة
موجّهة إلى رئاسة الحكومة قصد دفعها إلى نشر القائمة الرسمية لشهداء الثورة.

وأوضح علي المكّي، شقيق الشهيد عبد القادر المكي ورئيس جمعية ’لن ننساكم’، لموقع إنحياز أنّ العائلات تسعى إلى حفظ الذاكرة الوطنية والشعبية من خلال نشر هذه القائمة. وأضاف: ” حتّى تعرف الأجيال القادمة أنّ الحرّية في بلادنا كان لها فدية وثمنًا باهظًا، هي دماء أبنائنا”.

واسترسل المكّي قائلاً: ” نسعى اليوم مع عائلات الشهداء ونشطاء في المجتمع المدني وحقوقيين إلى ارسال مائة مطلب نفاذ الى وثيقة ادارية، نطالب من خلالها رئاسة الحكومة بالقائمة الرسمية لشهداء الثورة التونسية. وذلك رغم السلبية التي نواجَه بها في المقابل من جميع الأطراف.” وذكّر المكّي بتصريحات سابقة للرئيس الباجي قائد السبسي، قال فيها أنّه يريد “غلق قوس الثورة”، ممّا يدلُّ على “غياب إرادة سياسية لنشر القائمة”، حسب تعبيره.

وعن بداية الحملة، قال علي المكي أنّها تعود في الأصل إلى سنة 2012 ،ثمّ اتّخذت صيغة جديدة في أفريل 2016 بمناسبة عيد الشهداء، وذلك بعد أن أنهَت الهيئة العليا لحقوق الانسان والحرّيات الأساسية ضبط قائمة شهداء الثورة. وقد سلّمها رئيس الهيئة، الأستاذ توفيق بودربالة، إلى الرؤساء الثلاث بتاريخ 17 ديسمبر 2015.

وأمام صمت رئاسة الجمهورية، قامت العائلات بمراسلتها مرّة أخرى عن طريق عدل منفذّ. وقد جاء الرّد على لسان سعيدة ڨراش، الناطقة باسم رئاسة الجمهورية، بأنّ نشر قائمة الشهداء ليس من مهام الرئيس.
وكشف المكّي أنّه تمّ التصرّف في العدد الرسمي للشهداء. وأكّد تحصّله على معلومات موثوقة تفيد أنّه تمّ اقصاء عدد كبير من الشهداء. فبينما يبلغ عددهم المتداول 337،تحصرهم القائمة التي تمّ ضبطها في 150 اسمًا. وذلك”لأسباب مجهولة”، حسب قوله.

صورة للوثيقة التي يمكن لأيّ مواطن ارسالها إلى رئاسة الحكومة بغاية استفسارها عن القائمة الرسميّة.

وذكّر المكّي بعديد التحرّكات التي قامت بها العائلات في إطار الحملة. من ذلك عقدها ندوة صحفية بمقرّ المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية لتوضيح الموقف من امتناع السلطات عن نشر القائمة الرسمية. وقد أكّدوا خلال الندوة أنّ ذلك” لن يثنيهم عن مواصلة النضال من أجل الحقّ في ترسيخ الذاكرة الشعبية والوطنية”.

ويُذكر أنّ عائلات الشهداء نفّذت في شهر أفريل الماضي وقفة لنفس السبب أمام مقر الهيئة العليا لحقوق الانسان والحريات الأساسية. وقد رفض يومها رئيس الهيئة مدّهم بنسخة من القائمة، واعدًا بالمقابل بنشرها بالرائد الرسمي في حال لم تفعل رئاسة الحكومة في حدود موفّى شهر سبتمبر المُنقضي. وقد سبقته في ذلك ماجدولين الشارني، كاتبة الدولة السابقة التي أشرفت على الملفّ، عندما تعهّدت بنشر القائمة في موفّى أكتوبر 2015. لكن لم يحصل شيء من ذلك.

ولم تتوقّف عائلات شهداء الثورة التونسية وجرحاها عن النضال والتحركات الاحتجاجية، بمختلف أشكالها، مند خلع الديكتاتور السابق بن علي.

ونادَت كلّ تلك التحركات بمعرفة الحقيقة والقصاص من القتلة، إلّا أنّ سياسات الحكومات المتعاقبة، منذ 2011 إلى اليوم، نحَت، وماتزال، نحو تكريس الإفلات من العقاب وتبييض الجرائم بشتّى أنواعها.
فمقابل مطالبات ذوي الشهداء بكشف الحقيقة والتسريع بالمحاكمات، تشبّثت الهياكل الحكوميّة المختصة بردٍّ واحدٍ مفاده : يجب أوّلا تحديد قائمة رسمية ونهائية للشهداء. بل وتعلّل بعضهم، كسمير ديلو حين كان وزيرا لحقوق الانسان في عهد “الترويكا”، بأنّ هناك من قُتل في أحداث أخرى ولا يمكن اعتباره من الشهداء.

إلى ذلك، لطالما سعت الحكومات المتعاقبة إلى تشويه الاحتجاجات وتصويرها للرأي العامّ على أنّها تتمحور حول التعويضات المادية. في الوقت الذي كانت فيه مطالب العائلات واضحة في ارتباطها حصرًا بالمحاسبة وكشف الحقيقة.

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *