المكناسي : مهرجان سينما الرّيف على وقع الإحتجاجات الإجتماعية

في الوقت الذي تواصل فيه مدينة الثقافة احتفالاتها وتظاهراتها المركزية التي صارت لا تشبه سوى جدرانها. نظم أعضاء جمعية فن بالمكناسي، منذ ما يقارب الشهر، الدورة الثانية لمهرجان سينما الريف بالجهة دون أي دعم أو مساهمة من مؤسسات الدولة أو هياكلها الجهوية، فقد تراجع مدير دار الثقافة بالجهة عن توفير قاعة عرض. لم يُثني انسحاب السلط المحلية أعضاء الجمعية عن عزمهم إقامة المهرجان فحوّلوا المقاهي الشعبية إلى قاعات عرض.

 “شكون قال السينما تصير كان في الصالات؟ “

بستائر منزلية وبعضا من الورق المقوى لغلق الفتحات المضيئة، ومستلزمات بسيطة والكثير من العزيمة والعمل اقيمت العروض.

كانت البداية مع عروض للأطفال بمدارس: المبروكة والكرمة والنصر، حيث تكاد تنعدم سبل الحياة ،  فالطريق الشبه مُعبّدة تنقطع عند المفترق المؤدي إلى مدرسة المبروكة، في حين أنها تواصل سيرها نحو المسجد.

تزامنت عروض الأطفال مع ورشتي تدريب في صحافة المواطنة وفي صناعة الفلم الوثائقي. لاقت الورشتان إقبالا من تلاميذ الجهة وشبابها حيث “عاشوا المكناسي وعاشتهم” كما  قال لي أحد التلاميذ.

وقد صرح مدير التظاهرة معاذ قمودي لموقع انحياز أنّ الفريق واجه صعوبات لوجستية حالت دون تقديم العروض بالجودة المطلوبة. وبالرغم من انسحاب دار الثقافة وغياب المعدات اللازمة لضمان عرض لائق فإنها نجحت في استقطاب شرائح عمرية واجتماعية مُتنوّعة، ويجدر الذكر بأنّ هذه المُعدات موجودة بمراكز المُدن يغمرها الغُبار، أو تُأجّرُ بمقابل مادي رغم أنها ملك عمومي.

تمويل المهرجان:

التجأ شباب الجمعية إلى إقامة تظاهرات فنية توجه عائداتها المالية ـ القليلةـ إلى تمويل المهرجان؛ عرض فيلم بالمدرسة الوطنية للهندسة المعمارية والتعمير. كما ساهم المركز الوطني للسينما والصورة ومنظمة روزا لكسمبورغ والمكتب المحلي للاتحاد العام التونسي للشغل ونادي cinémaB في تمويل المهرجان.

البرمجة:

أما عن البرمجة فقد أوضح معاذ القمودي أنه تمّ اختيار أفلام متنوعة موجهة للكبار وللأطفال، إيمانا منهم بحاجة جميع الشرائح العمرية للثقافة، فلا يمكننا الحديث على تغيير جذري بعيدا عن الثقافة.

أما عن اختيار الأفلام فقد قال سيف فرج المدير الفني للتظاهرة؛ أنّ الأفلام هي من اختارت جمهورها ومكان عرضها، فالأفلام التي طرحت مشاكل الإنسان مع السلطة وتحدثت عنها بطريقة استيتيقية مُغايرة للمعهود، هي التي اختارت أن تكون في المكناسي؛ اذ أنّ أغلب مُخرجي الأفلام المُشاركة يؤمنون بالسينما البديلة ويولون اهتماما بالمناطق الداخلية. فتكمن أهمية هذه التجارب (سينما الريف، ملتقى الرديف للأفلام الوثائقية…) في تثمينها للجهات الدّاخليّة.

مواصلة الإحتجاجات بالمدينة

 

في الأثناء، لم تتوقف المكناسي عن احتجاجاتها المعتادة ولم يأخذ الاهالي إستراحة محارب، بل واصلوا تحركاتهم على وقع مشاهدة الأفلام، وقد اختلط الإنساني بالعَمَلي والاجتماعي بالسياسي. فتجد إيهاب وعبد الغفار وغفران وأحمد ورفاقهم من الشبان والشابات بصدد توثيق التحركات الاجتماعية تطبيقا لما تعلموه في ورشة صحافة المواطنة. ينتقلون فيما بعد إلى قرية مُجاورة للقاء أحد مقاومي الاستعمار لمواصلة إعداد فلمهم الوثائقي. ثم تجدهم أيضا أثناء العروض والنقاشات .

يعترضك وائل وإيهاب أيضا بكاميرتيهما أثناء الورشات والعروض، وأثناء المواجهات مع الأمن في صفوف المحتجين. فالفن أيضا مُقاومة.

حايثت الأفلام واقع الجهة، الفلاحي والفني والاجتماعي، مما جعل من مشهد الاحتجاجات وغضب الشباب على السلطة والمواجهات الليلية وكأنه أحد أهم عناصر الأفلام المعروضة.

يكون الفنّ مقاوما حين يتطرق إلى قضايا جمهوره ويتجاوز البعد التجاري والاستهلاكي، ليستقر في بعده الإنساني. فأن نقاوم هو أن نُغيّر ونبحث عن بديلنا الثقافي، وهذا ما يؤسس له الشباب في عديد الجهات بعيدا عن بهرج السلطة وأضواء اعلامها.

 

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *