فيديو | العائلات اللاجئة بـ”دار الباي” بحمّام الأنف: نقبل إخلاء المكان شرط احترام الدولة تعهّدها بإسكاننا!

حمّام الأنف – خاصّ – غسّان بن خليفة

 

جدّد المواطنون بلا مسكَن، اللاجئون بـ”دار الباي” بحمّام الأنف، رفضهم لما راج عن نيّة السلطات المحلّية اخلاءهم قريبًا بالقوّة العامّة، وأكدّوا قبولهم مغادرة المكان طوعًا، شرط احترام الدولة تعهّدها بمنحهم مساكن اجتماعيّة.

وخلال زيارة ميدانيّة لموقع انحياز عشيّة الجمعة المنقضي، عبّر المواطنون، المنتمين إلى حوالي 95 عائلة اقتحمت القصر الحسيني أثناء أحداث “ثورة 17 ديسمبر”، عن قلقهم ممّا أشيع مؤخّرًا عن إمهال السلطة المحلّية لهم حتى يوم 9 سبتمبر الجاري لمغادرة المكان.  وحدّثونا عن معاناتهم اليوميّة في البناية الأثرية المفتقدة لأبسط مقوّمات الحياة؛ ومن ذلك خوفهم المتواصل من تدخّل قوّات الأمن، التي حاولت إجلاءهم بالقوّة أكثر من مرّة. وتحسّبًا لذلك يتظاهر جزء من المواطنين يوميًا على حافّة الطريق الوطنية رقم 1، المتاخمة للموقع، رافعين شعارات يعبّرون فيها عن مطالبهم.

من الشعارات المرفوعة خلال الاحتجاجات الأخيرة.

ومن أهمّ مطالب المحتجّين: تمسّكهم بما يعتبرونه حقًا مشروعًا في السكن، ورفضهم التنازل عنه مقابل منحة 1800 د التي عرضتها عليهم السلطات المحلّية، كمقابل مفترض لكراء بيت لمدّة 6 شهور، شرط اخلائهم المكان. وندّد من تحدّثنا إليهم بما اعتبروه تلاعبًا ومماطلة من السلطة، متهّمين والي بن عروس عبد اللطيف الميساوي بالتراجع عن وعده السابق لهم بتمكينهم من المساكن الاجتماعيّة برادس، رغم انتهاء الأشغال بها.

ويُذكَر أنّه سبق للوالي أن صرّح في وسائل الإعلام قبل حوالي سنة بنيّة السلطة الجهوية  “تمتيع حوالي 56 عائلة بمساكن اجتماعية، ستكون جاهزة في غضون ستة أشهر بكل من المحمّدية ورادس وغيرها من المناطق المجاورة”.

وندّد بعض المتواجدين الذين تحدّثنا إليهم بما تروّجه بعض دوائر السلطة المحلّية ووسائل الإعلام من مبالغات وأكاذيب عنهم (مثل كون البعض منهم يملك بيتًا ويحاول الحصول على مسكن اجتماعي). وشكّك بعضهم في المزاعم المتعلّقة بالسقوط الوشيك للبناية، متسائلين عن سرّ تواصل استغلال الدولة لحمّام سيدي بوريقة، الذي يقع داخل القصر، في ظلّ هذا الخطر المُحدِق.

 

 


                                                         بعض الشعارات المرفوعة في الاعتصام.
                                                    (الصورة مأخوذة من صفحة المدوّن عادل العيّاري).

وعند زيارتنا لمقرّ المعتمدية لم نستطع التحدّث إلى أيّ مسؤول قادر على تقديم اجابات واضحة على أسئلتنا. كما لم نجد المنشور، الذي قال بعض اللاجئين بـ”دار الباي” أنّه يقضي بإخلائهم المكان قبل 9 سبتمبر. وعثرنا بالمقابل على منشور معلّق بالبهو، يعود إلى 2 نوفمبر 2017، وردت فيه قائمات بأسماء 56 لاجئًا مدعوّين إلى الاتصال بمصالح التضامن الإجتماعي الجهوي ببن عروس “من أجل تسلّم مستحقّاتهم الخاصّة بالكراء لمدّة 6 أشهر وذلك بعد تنفيذ قرار الإخلاء”.

الصفحة الأولى من المنشور المعلّق ببهو معتمدية حمّام الأنف.
م: قمنا بإخفاء هويّات المواطنين احترامًا لخصوصياتهم.

وحسب مصدر متابع للموضوع يبدو أنّ السلطة المحلّية تراجعت عن قرار الاخلاء يوم 9 سبتمبر الجاري، بناءً على توصية من السلطة الأمنية المحلّية. كما رجّح أحد من تحدّثنا إليهم تأجيل السلطة البتّ في الموضوع على ضوء ما أشيع حول تغيير والي بن عروس في الفترة المقبلة. موضوع للمتابعة…

بعض أرقام عن أزمة السكن في تونس

تمثّل قضيّة المواطنين المفتقدين للسكَن بقصر الباي في حمّام الأنف مثالاً على استفحال أزمة السكن في تونس. ويجدر التذكير ببعض الأرقام المتعلّقة بهذا الملفّ:

  • 23 بالمائة على الأقلّ من التونسيين لا يملكون مسكنًا، أي ما لا يقلّ عن 2.5 مليون تونسي (ما يضاهي 500 ألف عائلة متوسّطة الحجم).
  • يقدّر بعض الخبراء وجود أكثر من 420 ألف وحدة سكنيّة فارغة، يرفض الباعثون العقّاريون التخفيض في أسعارها. ويطالبون عوض ذلك بتغيير القانون للسماح للأجانب بشرائها مباشرة (دون رخصة من الوالي).
  • بلغ متوسّط المتر المربّع من الأرض المعدّة للسكن حوالي 2.5 ألف دينار في السنوات الأخيرة.
  • تقول الدولة أنّها ملتزمة، من أجل حلّ الأزمة، بتوفير 50 ألف وحدة سكنيّة سنويًا، يتمّ انشاؤها بالكيفية التالية: ما يقارب 77% في إطار البناء الذاتي، أي عن طريق العائلات أنفسها، و20% عن طريق الباعثين العقاريين المرخّص لهم، و1.7% من بقية المساكن عن طريق الباعثين العقاريين العموميين.
  • من ضمن “الأملاك المصادرة لبن علي وعائلته” :  13 إقامة فخمة/ 110 فيلات/ 228 أرض صالحة للبناء/ 8 عمارات/ 141 شقّة.

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *