رأيِْ | العودة بين الخطاب والممارسة: في ضرورة تغيير فهمنا للأسُس والمقوّمات

رأي – خاصّ – الوطن العربي

 

يوسف الشادلي

باحث في الفلسفة السياسية والأخلاقية والقانونية

 

من صور مسيرة العودة الكبرى قبل أسبوعين (وكالات)

الوضع الراهن وإشكالاته:

من نافل القول أنّ قضيّة اللاجئين الفلسطينيين –على الرغم من قِدمها تاريخيا- تُراوح مكانها إلى حدّ الساعة، بل يمكن الإقرار أنّها أصبحت أكثر تعقيدا لعدّة أسباب منها السياسي ومنها المالي، أمّا الوضع القانوني الخاصّ باللاجئين الفلسطينيين لم يزد الأمر إلاّ تعقيدا.

شهدت القضيّة الفلسطينية تاريخيا عديد المتغيّرات الوطنية والإقليميّة والدوليّة، وكانت هذه المتغيّرات في أغلب الحالات ذات آثار سلبيّة على القضيّة عموما وعلى قضية اللاجئين بخاصّة. أهمّ المتغيرات في تقديرنا تمثّل في تحوّل موقف القيادة الفلسطينية، من قيادة ثوريّة حاملة لواء الثورة الفلسطينية المعاصرة ومتبنّية لشعار العودة والتحرير، إلى قيادة مفاوضة مع العدو.

أدّى دخول قيادة منظّمة التحرير بقيادة ياسر عرفات في هذا المسار التفاوضي إلى توقيع اتفاق أوسلو والاعتراف رسميّا بالكيان الصهيوني. كان هذا نتيجة حتميّة لفقدان هذه القيادة أيّ تواجد فعلي في ما يُعرف بدول الطوق (مصر، الأردن، لبنان وسوريا) بعد الخروج من لبنان إلى تونس في سنة 1982، ولم يبق إلاّ أعداد محدودة من المقاتلين في لبنان وسوريا. تبنت هذه القيادة فكرة أنّ قضيّة اللاجئين يُمكن أن تُحلّ عبر مسار تفاوضي تخوضه مع العدوّ في ما يُسمّى بـ”مفاوضات الحلّ النهائي” والتي تشمل أساسا رسم الحدود النهائية لكلا الدولتين ووضع القدس وقضية اللاجئين. ويعلم القاصي والداني أنّ هذا المسار الذي تواصل وتكرّس بشدّة بعد وفاة ياسر عرفات، وعلى الرغم من الدفع العربي الرسمي لإنجاحه، قد فشل فشلا ذريعا. لا يمكن اعتبار الإقرار بإخفاق هذا المسار قضيّة إرادويّة نابعة من حلم تحرير فلسطين من النهر إلى البحر، بل هو إقرار بواقع لا يقبل الشكّ. أما قيادة الشعب الفلسطيني الحالية فمازالت تعيش حالة نكران تامّ رغم كلّ القرائن والوقائع الدالّة على عدم جديّة العدو واستهزاءه بهذه القيادة التي تحوّلت إلى عصا غليظة في يد العدو يضرب بها المقاومة تحت مسميات التنسيق الأمني ومحاربة الإرهاب.

جاءت تصريحات الرئيس الأميركي بشأن القدس واعتبارها عاصمة أبديّة للكيان الصهيوني لتؤكد فشل المسار التفاوضي، ولتطلق رصاصة الرحمة عليه كما على القيادة التي تبنّته لسنوات طويلة.

لسنا هنا بصدد تعداد أسباب الفشل إلاّ للتذكير بأنّه ينعكس بالضرورة على قضيّة اللاجئين (موضوعنا الرئيس هنا) ويمسّ جوهريّا من حقّهم في العودة إلى أرضهم وممتلكاتهم.

  • الوضع الدولي وقضايا اللجوء:

مع ظهور أزمة اللاجئين السوريين وبروزها على السطح تراجع الاهتمام بقضيّة اللاجئين الفلسطينيين الذين تحوّلوا بشكل أو آخر إلى مواطنين فاقدين للمواطنة، سواء في المخيمات الواقعة خارج المجال الفلسطيني (لبنان، الأردن وسوريا) أو داخله (في الضفة وغزّة). وانعكس هذا التهميش على المستوى المالي كذلك، فالمانحين الدوليين (سواء كانوا من الدول الغربية أو العربية) لم يعد بإمكانهم مجاراة نسق الإنفاق المُرتفع خاصّة مع تورّطهم في كافة الحروب الدائرة في المنطقة (خاصة في سوريا واليمن وليبيا)، ويعلم الجميع أنّ النفقات العسكريّة مُكلفة لكنّها تبقى بالنسبة للدول المانحة أهمّ من تمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، ذلك أنّ النفقات العسكريّة قد تحفظ مصالحهم أمّا تمويل الوكالة فلا يجلب لهم أيّ منفعة مباشرة. وتُعتبر تصريحات بيير كرينبول المفوض العام للأونروا خلال كلمته التي ألقاها في الدورة غير العاديّة المستأنفة لمجلس جامعة الدول العربية والمنعقدة في مصر بتاريخ 1/02/2018، خير دليل على الأزمة التي تواجهها الوكالة، حيث قال كرينبول في كلمته أنّ الوكالة “تواجه أزمة ماليّة نظرا لقرار الولايات المتحدة الأميركية التخفيض من قيمة مساهماتها المُقدّمة للوكالة”، وطالب دول الجامعة برفع قيمة الدعم العربي من 7.8 في المائة من تكاليف برامج الوكالة إلى 10 في المائة، مُذكّرا المجلس أنّ الدول العربية خلال سنة 2017 لم تلتزم بنسبة 7.8 واقتصرت مساهماتها على 3.5 في المائة فقط.

لا يهدف تناول هذه المعطيات إلى التوعية بضرورة الضغط على الدول المانحة من أجل تمويل برامج الأونروا، بل يأتي في سياق محاولة فهم الوضع المعيشي للاجئين الفلسطينيين، حيث أنّ الوضعيّة المترديّة أصلا تزداد انحدارا لتحرم اللاجئ الفلسطيني من أدنى مقومات العيش والكرامة الإنسانيّة، ما يعني ضمنيّا انفجارا اجتماعيا وشيكا في كافة مخيمات اللجوء التي تُدار على مسؤولية الوكالة وبمساعداتها. والسؤال هنا: على من سيُسلَّط هذا الضغط؟

إذا ما وقع تسليطه على الوكالة فمن السهل جدّا أن تبرّر هذه الأخيرة تقليص حجم الخدمات، وأقصى ما قد يحقّقه مثل هذا الضغط يتمثّل في تحريك الوكالة لعلاقاتها بغاية جمع تمويلات أكثر للمحافظة على الحدّ الأدنى من الخدمات في المخيمات، ما يعني ضمنيّا تكريس الأمر الواقع. أمّا إذا ما سُلّط على الدول المضيفة (على الأقل بالنسبة للاجئين الذين يسكنون في مخيمات خارج فلسطين)، قد تستغلّ هذه الدول الظرف وتعود لمقترحات التجنيس والتوطين. بالتالي فلا مجال إلاّ لتسليط هذا الضغط الاجتماعي على القيادة الفلسطينية لتحريك ملفّ العودة، بل والذهاب أكثر من ذلك لقلب الطاولة على هذه القيادة من خلال البدأ فعليّا في ممارسة حقّ العودة.

  • حقّ العودة والقانون الدولي:

لطالما فُهم القانون على أنّه مجموعة قواعد تنصصّ على أمر يستند بشكل رئيس إلى التهديد بالعقاب. وقد طرح هذا الفهم عديد الإشكالات في ما يخصّ القانون الدولي، حيث أنّ هذا النوع من القانون يعجز عن تنفيذ العقوبات التي يُقرّها لأنّه خاضع في نهاية المطاف لمجموعة من الضغوط السياسيّة وموازين القوة الدوليّة. أمّا القرارات الدوليّة المتعلّقة بالوضع في فلسطين، والتي تُعتبر جزءا من القانون الدولي (باعتبار قرارات الأمم المتحدة جزءا من المنظومة القانونية الدوليّة)، فتصطدم بهذه المعضلة التي رافقت القانون الدولي منذ ظهوره. وسواء تعلّق الأمر بالقرار 194 أو بالقرار 3236 أو بعشرات القرارات التي أصدرتها الأمم المتحدة عبر الجمعية العامّة أو إحدى مؤسساتها، بقيت هذه القرارات جميعها مُجرّد حبر على ورق، لا تجد جهة تقف على إنفاذها. وحتّى إن تجاوزنا منطق فاعليّة القانون الدولي وقصور أدواته فإنّ تأسيس خطاب العودة على القانون الدولي والشرعيّة الدوليّة أضحى أمرا مُضحكا لما يعتريه من تناقض صارخ.

  • القرار 194: مضمونه وحقيقته

يُذكر هذا القرار في سياق الحديث عن قضية اللاجئين الفلسطينيين باعتباره “أوّل اعتراف رسمي من أعلى هيئة دوليّة بحقّ اللاجئين في العودة إلى ديارهم وممتلكاتهم”[1]، وفضلا عن أنّ هذا القرار يُمثّل الأسّ الذي تستند إليه القيادة الفلسطينيّة الحالية في “دفاعها” عن قضيّة اللاجئين، فقد تحوّل تدريجيّا إلى ركن من أركان خطاب العودة عند القوى السياسيّة والمنظمات الثوريّة. ويتجاهل المدافعون عن القرار مجموعة حقائق هي:

  • لا يختصّ هذا القرار بقضيّة اللاجئين وإنّما يأتي على ذكرهم في سياق أشمل هو وضع فلسطين بعد النكبة، ويركّز القرار في معظم أجزاءه على وضع القدس وإنشاء الآليات الكفيلة بتجسيد التصور الدولي لوضع فلسطين.
  • لا يمكن بأيّ حال فهم أو تأويل القانون (سواء كان قرارا أو أمرا أو قانونا أساسيا أو دستوريا الخ) إلاّ باعتباره نصّا مرتبطا بشكل وثيق داخليّا وخارجيّا، إذ لا يمكن قبول تناقض بين فصول القانون الواحد أو تناقض بين فصول قوانين مُختلفة تتناول نفس المسألة. الأمر الذي يعني في المحصلة أنّ القرار 194 لا يُمكن أن يُستعمل في فقرته الحادية عشر وأن يُهجر في بقيّة فقراته، كما لا يُمكن تناول هذا القرار إلاّ كجزء من مجموعة قرارات تتناول قضيّة فلسطين.
  • تُمثّل نتائج التصويت على هذا القرار بالذات خير دليل على أنّه ليس قرارا ثوريّا يخدم بشكل ما قضيّة فلسطين وإنّما هو قرار ارتجالي جاء في سياق ردّ الفعل على وضع قائم على الأرض يتمثّل في تجاوز العصابات الصهيونية المسلحة للخطوط التي وُضعت من قِبل المجتمع الدولي. وقد صوّتت ضدّ هذا القرار كافة الدول العربيّة الأعضاء حينها في الأمم المتحدة، وهي مصر وسوريا واليمن والعراق ولبنان والمملكة العربية السعودية.

إنّ الدفاع عن هذا القرار باعتباره “يتضمّن […] ثلاثة حقوق متكاملة ومتلازمة، هي: العودة والتعويض واستعادة الممتلكات”[2] يُعبّر بشكل واضح عن خلط في فهم عدّة جوانب من القرار. لطالما مثّلت اللغة حاجزا أمام “الفهم الصحيح للقانون”، وتُعتبر قضيّة اللغة أحد أعقد المشكلات التي تعترض القانونيين في سياق فهمهم أو تطبيقهم لقاعدة قانونيّة ما، لكن هذه القضيّة غير مطروحة في ما يتعلّق بالقرار 194، حيث أنّ صيغة فقرته الحادية عشر لا لُبس فيها وهي التي تقول حرفيّا: “تقرر وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر، عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة.
– وتصدر تعليماتها إلى لجنة التوفيق بتسهيل إعادة اللاجئين وتوطينهم من جديد وإعادة تأهيلهم الاقتصادي والاجتماعي وكذلك دفع التعويضات وبالمحافظة على الاتصال الوثيق بمدير إغاثة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين، ومن خلاله بالهيئات والوكالات المتخصصة المناسبة في منظمة الأمم المتحدة”[3].

تضع هذه الفقرة مجموعة من الشروط وتحدّد مجموعة من المسؤوليات، أما شروط العودة فهي أساسا:

  • “الرغبة في العودة”، بمعنى أنّه لا يُجبر أيّ لاجئ على العودة ما لم يكن راغبا في ذلك.
  • “العيش بسلام مع الجيران”، بمعنى أنّ هذه العودة تفترض قبول الأمر الواقع المُتعيّن على الأرض وعدم العمل على تغييره من خلال المقاومة.

أمّا المسؤوليات التي ينصّص عليها القرار في فقرته الحادية عشر محمولة على جهات مُختلفة، أهمّها “لجنة التوفيق” التي أناط بعهدتها تسهيل إرجاع اللاجئين ودفع جزء من التعويضات (لغير الراغبين في العودة)، أمّا بقيّة الجهات المسؤولة فهي “السلطات والحكومات”، ما يعني أنّ هذا القرار يتبنّى ضمنيّا وجود مصادر شرعية مختلفة في فلسطين، ويحمّل القرار هذه الجهات مسؤولية وجوب دفع تعويضات “عندما يكون من الواجب وفقاً لمبادئ القانون أن يعوض عن ذلك الفقدان أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة” أي أنّ التعويض في حالات الفقدان أو الضرر يتحدّد حسب ما تضبطه قوانين السلطة التي تسيطر على المجال الذي تقع فيه أرض المفقود أو العائد المتضرّر.

يعلن هذا القرار بوضوح تام أنّ التعويض لا يشمل كافة اللاجئين، ويضبط ثلاث حالات يكون فيها التعويض ممكنا: الحالة الأولى تتمثل في التخلّي عن العودة والقبول بالتوطين في مكان آخر، الثانية هي حالة الفقدان (أو الأحرى الموت) أما الأخيرة فهي حالة الضرر، أي يقع تعويض الذين لامسوا ضررا أتى على ممتلكاتهم أثناء فترة لجوءهم. إنّ فهم القرار كما هو لا كما يريده بعض الفلسطينيين أن يكون قضية في صلب الممارسة الثورية والواقعية في آن، لأنّ الحقيقة وحدها ثوريّة على حدّ تعبير لينين، و”الحديث عن التعويض باعتبارها بديلا من العودة”[4] ليس “تشويها مُفتعلا لمضمون القرار 194”[5] ولا “يستهدف تمرير المشاريع المشبوهة الرامية إلى إغلاق ملفّ اللاجئين”[6]، لكنّ هو مجرّد تفسير لما يعتبره البعض سلاحا قانونيا وسياسيا في يد الفلسطينيين يدافعون به عن حقّ العودة. ووجب التذكير هنا أنّ قبول مبدأ التعويض من قِبل “السلطات” المتواجدة على أرض فلسطين يعني قبول التعويض من الكيان الصهيوني أي بمعنى آخر حتميّة وجود هذا الكيان على الأرض، ومن يتبنى شعار تحرير فلسطين من النهر إلى البحر لا يجب أن يقع في مثل هذا التناقض الصارخ.

حقّ العودة، الخطاب والممارسة:

تاريخيّا مثّل خطاب العودة والحركة التي عملت على تجذيره نوعا من الضغط السياسي على الكيان الصهيوني، لكنّ قصور حركة العودة في تحقيق أيّ مكاسب حقيقية على أرض الواقع لم يكُن مرتبطا فقط بتركيزها على الشرعيّة الدوليّة والقرارات الأمميّة التي وقع تأويلها بشكل يتوافق مع خطاب هذه الحركة، إنّما كان نتيجة طبيعيّة لإخفاق الحركة الوطنيّة الفلسطينية عامّة في تحقيق أيّ تقدّم ميداني، إذ لا يمكن بأيّ شكل من الأشكال فهم شعار العودة وتحقيقه في انفصال عن قضيّة التحرير.

يبدو إذا إنكار الكيان الصهيوني لحق اللاجئين في العودة أمرا واضحا بل وبديهيا، ويتعلّل قادة الاحتلال بخوفهم من التغيّرات الديمغرافيّة التي ستطرأ على النسيج الاجتماعي لدولتهم، لكن هذه الحجّة لا يمكن بأيّ حال من الأحوال أن تكون صحيحة لأنّ الواقع يقول أنّ الضفّة الغربيّة التي تتمتّع بأغلبيّة ديمغرافيّة فلسطينيّة مازالت إلى وقت كتابة هذه الكلمات واقعة تحت سلطة جيش الاحتلال. بالتالي فإنّ الرهان الحقيقي لا يتمثّل في تحقيق أغلبيّة ديمغرافيّة بقدر ما يتمثّل في بناء قوّة عسكريّة وسياسيّة قادرة على تحويل هذا الوجود الديمغرافي إلى مجال سيادي، ما يعني عمليّا تحويل الوجود الاجتماعي الفلسطيني إلى وجود عسكري يمارس السيادة على المناطق التي يكون فيها. لا يعني هذا تحويل المخيمات في لبنان أو سوريا أو الأردن إلى مناطق سيادة فلسطينيّة لكنّه يعني أساسا تحويل الضفّة إلى قاعدة أولى لبداية حرب التحرير.

على الرغم من تعقيدات الواقع وحقيقة تخاذل القيادة السلطة الفلسطينية وتبنيها سياسات تتناقض جوهريا مع شعار التحرير إلاّ أنّ دفن هذه القيادة سياسيا ممكن من خلال الوحدة الفعليّة لكافة شرائح وقطاعات الشعب وفصائله المقاومة. الأمر الذي يعني أوّلا وقبل كلّ شي مراجعة مضمون شعار الوحدة الوطنيّة ليتحوّل من شعار يعني الالتقاء السياسي بين فصائل تختلف في التصوّرات والمنطلقات والأهداف إلى شعار يعني وحدة الفلسطينيين وتشكيلاتهم السياسيّة التي تتبنى مقولة التحرير وعزل كلّ القوى التي تتبنّى خيارات أخرى مثل المفاوضات بل وإعلان هذه القوى معادية للوحدة الوطنية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني ومصالحه.

إنّ الانطلاق الفوري في وضع خطط عسكريّة هدفها استرجاع الأراضي الفلسطينيّة وتكييف هذه الخطط مع تطوّرات الوضع الميداني وإعلان مناطق مُحرّرة تماما من الوجود الصهيوني يُمثّل المدخل الرئيس لحلّ القضيّة الفلسطينيّة ومن ورائها قضيّة اللاجئين، إذ كلّما حُرّرت منطقة يُصبح ممكنا عودة أصحابها إليها. وما على الفصائل الفلسطينيّة المقاومة إلاّ أن تُدرّب وتُخطّط وتحارب وتعقد التحالفات الدوليّة الضروريّة الكفيلة بالتمويل والتسليح، من ثمّ تستجلب اللاجئين من المخيمات إلى أراضيهم، على أن تكون البداية باللاجئين الذين يتمتّعون بخبرات عسكريّة.

في المحصلة تبقى ممارسة حقّ العودة عبر الفعل الثوري أهمّ بكثير من بناء خطاب عن العودة يستند إلى شرعيّة دوليّة زائفة، وإن كان مضمون هذا المقال يُعتبر بالنسبة للكثيرين ضربا من قصص الخيال العلمي أو الملاحم الأسطوريّة القديمة إلاّ أنّه يُمثّل في تقديرنا السبيل الوحيد لحلّ القضيّة الفلسطينيّة بكلّ ملفاتها وعلى رأسها حقّ العودة.

 

 

 

 

[1] خطاب العودة: أسس ومقومات، أوراق عائدون، مركز حقوق اللاجئين/ عائدون، بيروت، 2010. ص 5.

[2]  المصدر السابق، ص 12.

[3]   قرارت الأمم المتحدة بشأن فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، المجلد الأول، 1947 – 1974، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، نقلاً عن المحاضر الرسمية للجمعية العامة، الدورة الثانية، الملحق رقم 11، المجلد الأول إلى الرابع.

[4]  خطاب العودة: أسس ومقومات، أوراق عائدون، مركز حقوق اللاجئين/ عائدون، بيروت، 2010. ص 11.

[5]  المصدر السابق، نفس الصفحة.

[6]  المصدر السابق، نفس الصفحة.

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *