تَفْريكَة عدد 1: “التوانسَة ما يْحبُّوش يخدموا”

نفتتح هذا الركن الجديد الذي اخترنا له عنوانًا “تفْريكة”.

وهي كلمة عربيّة مشتقّة من فعل فَرَكَ. وقد وَرَد في معجم المعاني الجامع بهذا التعريف: فرَكَ الشيءَ : دَلَكَه وحكَّه لإزالة قِشره أو ما عَلِق به، نظَّفه، صقله، غسَله بالفرك بشدَّة. إلّا أنّها تُستعمل في الدارجة التونسيّة بمعانيَ أخرى متفرّعة من المعنى الأصلي. إذ تُقال مثلا عن “تفريك الرُمّان” أو “تفريك” آلة ما… أيْ بمعنى قريب من كلمة “تفْكِيكْ”. كما أنّها صارت تُستَعمل في السنوات الأخيرة بمعنى السخرية من شخص أو مجموعة ما؛ إذ نقول مثلا :” نفرّكوهم على فلان”.

ونحن نبغي في هذا الركن بلوغ كافّة، أو جُلّ، المعاني الأصليّة والمُستحدَثَة لهذه الكلمة. إذ نريد من جهة تفكيكَ الخطاب الإعلامي السائد (وهو في أغلبه خطاب يَميني معبّر عن مصالح الطبقات المهيمنة)؛ كما نريد “حكّه لإزالة القشرة” التي تغطّيه وتنمّقه، من أجل كشف المصالح التي تختبئ وراءه. هذا دون أن نخفي ولَعنا الشديد بالسخرية من أصحابه ومروّجيه.

ويهمّنا أن نُعلمَ قرّاءنا أنّ هذا الركن يتسّم – أكثر من بقيّة الأركان – بطابعه التفاعلي والجماعي. أيْ أنّ هيئة التحرير لن تكتفيَ بالمواد التي تجمعها، بل هي تفتح الباب لجمهور الموقع وأصدقاءه وتناشدهم أن يشاركوا في اثرائه بما لديهم من مواد متنوّعة (صور، فيديوهات، دراسات، احصائيّات والخ.)، طالما كانت أصلّية وذات جودة مقبولة.

 


التفريكة الأولى ستكون مع مقولة: “التوانسة ما يحبّوش يخدموا” (التوانسة كسالى ولا يحبّون العمل)، التي طالما أتحفَنا بها “كلاب حراسة” الطبقة البرجوازية الحاكمة من “خبراء اقتصاديين” و”إعلاميين” و”سياسيين” و”رجال/نساء أعمال”، فضلاً عن أسيادهم من موظّفي المؤسّسات المالية الدولية والديبلوماسيين والمسؤولين الأجانب.

سنعتمد في دحضنا لهذه المقولة التعميميّة الزائفة، أدوات متعدّدة (صور، فيديوهات، احصائيات والخ.). وستكون البداية بهذه الصورة، التي التقطتها الصديقة سُكيْنة الجمني قبل أيّام قليلة في تونس العاصمة (ونشكرها على إهدائنا ايّاها). وهي لأُمٍّ تشتغل في جمع الفضلات البلاستيكيّة، تَجُرُّ عربة، وهي تتقدّمُ ماشية بصعوبة تحت الأمطار الغزيرة. وبما أنّ الأمّ الكادحة لا تتوفّر بالضرورة على موارد ماليّة تسمح لها بترك ابنها في “الحضانة” خلال فترة عملها، فإنّها اضطُرّت، على الأرجح، لأخذه معها. الأمر الذي لم يمنع هذا الولد من التمتّع بطفولته، رغم شقائها، فنراه يرسل ابتسامته البريئة للمارّة وسائقي السيّارات.

وهذا تعليق الصديقة سكينة الجمني على الصور التي نشرتها على صفحتها الخاصّة في موقع فيسبوك:

“الأمّ تلمّ في البلاستيك. حاطّة ولدها وراء البرويطة الي تعبّي فيها وكلّ شوية تطلّ عليه وتتبسم ❤️
هو شايخ ويمدّ في وجهو يطلّ على الكراهب ويدرجح في ساقيه”.

 

 

أعجبك عملنا؟ يمكنك دعمنا وتعزيز استقلاليّتنا !

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *